مقالات

اقتصاد ممالك الخليج 4

كتب: بقلم/عبدالرحمن طه

سطر التاريخ بأحرف من ذهب التجربة المصرية الفريدة في عهد محمد علي باشا والذي يعد نموذجا للدولة المصرية في العصر الحديث والذي لطالما يذكر اسم تجربته عندما نريد الاشارة للتطور العملي والاقتصادي والعسكري ولعل النهج الذي اتبعه محمد علي باشا في بناء مصر الحديث ارتكز على العلم والعلماء فلم يكتفي بإنشاء المدارس والمعاهد العلمية في مصر وإنما أرسل ببعثات علمية يتلقي فيها ابناء مصر العلوم والتكنولوجيا المتطورة ويعودون مرة أخرى لبناء بلدهم الأم . ولعل هذا النهج استمر في بناء اقتصاديات ممالك الخليج ولكن بشكل أكثر تطورا ودعم لا مثيل له والعبرة يا اصدقائي بمن صدق وليس لمن سبق والعبرة بالمثابرة وليس ببداية المغامرة فأبرز ما يعجبني في التجربة الخليجية هي فكرة الاستمرار في المبدأ الاقتصادي البنائي والمرونة في تطويره وفي هذا الإطار تدعم دول الخليج فكرة البعثات العلمية للخارج وهو ما يؤدي بنا في نهاية الأمر بالانبهار بتلك التجربة سواء الاماراتية كانت او السعودية او القطرية فعلى سبيل المثال وضعت المملكة العربية السعودية استراتيجية للابتعاث كما تسمى هناك ، فرؤيتهم مبتعثون منافسون عالميا يساهمون في التنمية الاقتصادية لوطنهم و الرسالة هي الابتعاث للعلم وبناء القيادات التي تساعد المملكة في صنع شئ جديد ومختلف للعالم إذ ترى المملكة العربية السعودية ان البعثات العلمية إنما وضعتها من أجل نمو اقتصادي ومن اجل تعزيز البحث والتطوير والابتكار ، وذلك من أجل تعزيز مكانة المملكة دوليا وتستهدف المملكة المرحلة الثانوية والجامعية والحاصلون على القبول في الجامعات العالمية وقد اعطت لهم المملكة تميزا داخل المملكة فهم مفضلون من جهات العمل لأنهم يحدثون تغييرا ليس في المملكة فحسب وإنما في العالم كما تذكر المملكة ويأملون من خلال افراد البعثات العلمية ان يقودوا عجلة التنمية في وطنهم والعالم ويساهمون في تنمية وطنهم بشكل مباشر فهم يعملون ويقودون ويخترعون وبشكل غير مباشر سفراء ووسطاء بين المملكة وباقي دول العالم وتشمل دول  دول الابتعاث المتاحة في برنامج خادم الحرمين الشريفين 14 دولة هي: أمريكا، بريطانيا، إيطاليا، الهند، ماليزيا، سنغافورة، الصين، اليابان، ألمانيا، كوريا الجنوبية، فرنسا، هولندا، سويسرا، أستراليا، في حين أظهرت قائمة دول الابتعاث في الموقع الإلكتروني للبرنامج وجود دولة روسيا سابقا، قبل أن يتم تأكيد عدم شمولها في قائمة دول الابتعاث

ويلاحظ شمول الدول التي تتصدر الثورة الصناعية الرابعة وهي الولايات المتحدة وألمانيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية لذلك فلا داعي للاندهاش من مشروع نيوم القائم على الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة فمن عاشر قوم 40 يوم صار منهم فما بالك بمن درس وتعلم وتفاعل مع الخمس الكبار في عالم الثورة الصناعية الرابعة بجانب الهند وسنغافورة وماليزيا أصحاب الصدارة في المناهج التعليمية و رواد الاقتصاد في الشرق الأسيوي

وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول المتاحة للابتعاث بـ144 جامعة في 84 مدينة، تلتها الصين بـ75 جامعة في 24 مدينة، ثم بريطانيا بـ69 جامعة في 34 مدينة، وألمانيا بـ34 جامعة في 18 مدينة، ثم فرنسا بـ32 جامعة في 12 مدينة، فأستراليا بـ28 جامعة في 15 مدينة، تلتها إيطاليا بـ27 جامعة في 10 مدن، ثم سويسرا بـ20 جامعة في 14 مدينة، وهولندا بـ15 جامعة في 14 مدينة، وكوريا الجنوبية بـ14 جامعة في 5 مدن، وجاءت اليابان بـ13 جامعة في 5 مدن، ثم ماليزيا بـ9 جامعات في 6 مدن، فالهند بـ8 جامعات في 5 مدن، وأخيراً سنغافورة بـ3 جامعات في مدينة واحدة، فيما كانت روسيا تضم 10 جامعات للابتعاث في 4 مدن

والعبرة ليس في العدد ولا في التمويل وانما في التطبيق فيكفي جامعة علمية واحدة فقط في الخارج وتطبق افكارها البناءة خير من الف جامعة ولا يؤخذ من المبتعثين شيئا او لا يرجعون مخافة سوء المعاملة

وتنتهج الامارات العربية المتحدة نفس الفكر في الابتعاث فعلى سبيل المثال يسمح للمواطن الإماراتي بالذهاب في بعثه خارجية الشاملة لكل التخصصات فليس هناك تحديد فالامارات منفتحة على كل العلوم لمزيد من التطور على ان تكون الجامعة المراد الذهاب اليها من ضمن افضل 50 جامعة في التخصص المراد دراسته ، وبشارك في هذا الأمر العديد من الجهات الرسمية في الامارات العربية المتحدة مثل مكتب البعثات الدراسية بوزارة شئون الرئاسة و البعثات الدراسية في دائرة التعليم والمعرفة ووبرنامج بعثة هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقيمة  وقد استثمرت الامارات مبالغ ضخمة في برنامج بعثة لتخصيص المئات من المقاعد الدراسية لدرجتي البكالوريوس والماجستير في أرقى الجامعات الإماراتية، والعالمية أفي كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، واستراليا، والمملكة المتحدة

ويوجد كذلك برنامج مسار أطلقت وزارة المالية برنامج مسار للمنح الدراسية الجامعية بهدف استقطاب ورعاية خريجي الثانوية العامة المواطنين ذكوراً وإناث للحصول على مؤهلات علمية في الدراسات المالية والمحاسبية وتخصصات أخرى في أرقى الجامعات المعتمدة بالدولة ومن ثم توظيفهم في وزارة المالية وكذلك برنامج انطلق للمنح الدراسية رنامج انطلق للمنح الدراسية يقدم برنامج “انطلق” من مركز محمد بن راشد للفضاء الدعم لخريجي المدارس الثانوية الذين يخططون لمتابعة تعليمهم في مجال العلوم والهندسة. ويهدف البرنامج إلى زيادة عدد المهندسين الإماراتيين، وتعزيز خبراتهم ومهاراتهم من أجل زيادة الإنتاجية والمساهمة في بناء اقتصاد المعرفة ومن السعودية والامارات نذهب لمملكة البحرين

تعطي مملكة البحرين اهتماماً كبيراً بالتعليم العالي لما له دور في دعم عملية التنمية الاقتصادية وتطوير مؤشرات الاستثمار والابتكار بالمملكة لمواجهة التحديات المستقبلية. لذا تحرص مملكة البحرين على الاستثمار في العنصر البشري ودعم الطلبة الخريجين لموصلة تحصيلهم العلمي والالتحاق بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي من خلال تقديم البعثات والمنح الدراسية لهم مما يساهم في التخطيط لمستقبلهم الوظيفي. وتمنح وزارة التربية والتعليم الخريجين من طلاب المدارس الثانوية في المدارس الحكومية والخاصة على بعثة دراسية أو منحة كل عام لمواصلة دراساتهم الجامعية وفقًا للتخصص الذي يرغبون فيه ووفقًا لمعايير وشروط معينة. في حالة اختيار الدراسة في احدى الجامعات داخل مملكة البحرين، تتكفل وزارة التربية والتعليم بدفع الرسوم الدراسية، بالإضافة إلى تقديم مخصص مالي شهري للطالب في كل فصل دراسي لتغطية مصاريف الدراسة والكتب وغير ذلك.وبالنسبة للطلاب الذين يدرسون خارج البحرين بدعم من وزارة التربية والتعليم ، تتكفل الوزارة أيضاً برسوم الدراسة للطلاب إلى جانب تكاليف تذكرة السفر ومخصص مالي شهري للطالب يختلف وفقاً للدولة. البعثة الدراسية للخارج تتكفل فيها وزارة التربية والتعليم بكامل التكاليف بما فيها تكاليف الجامعة، والمخصصات المالية الشهرية، وتكاليف السفر والإقامة في الخارج.

أما وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بسلطنة عمان  فتساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي في السلطنة. ومن الأهداف الرئيسية لحكومة سلطنة عمان ضمان أن يأخذ الطلاب برامج في المجالات ذات الصلة لسوق العمل في السلطنة.  طريقة واحدة للوصول إلى هذا الهدف هو من خلال تقديم المنح الدراسية الداخلية والخارجية التي تمكن الطلاب من متابعة الدراسات العليا في تخصصات معينة ، ولو على مستويات مختلفة، في مؤسسات التعليم العالي داخل وخارج سلطنة عمان.  والهدف هو تخريج طلاب لديهم ليس فقط الكفاءة التقنية والمعرفة في المجالات الأساسية، ولكن أيضا مهارات عامة تم سعيها من قبل أرباب العمل، مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، العمل الجماعي، ومهارات الاتصال وابرز دول الابتعاث بالسلطنة العمانية هي الولايات المتحدة الامريكية وكندا .هذا السرد ما هو إلا رغبة التبصر بكيف يسير الراغب في التطوير والتطور.