
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة مسجلة خلال الجلسة الافتتاحية لـ أسبوع القاهرة الثامن للمياه 2025، الذي انطلق تحت شعار “الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية واستدامة الموارد المائية”، بمشاركة واسعة من الوزراء وصناع القرار وخبراء المياه وممثلي المنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأكد الرئيس السيسي في كلمته أن مصر، “هبة النيل”، تسعى من خلال هذا الحدث السنوي إلى تعزيز الحوار الدولي حول إدارة الموارد المائية ومواجهة تحديات الأمن المائي في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
مصر تواجه تحديات مائية غير مسبوقة
أوضح الرئيس أن مصر تواجه تحديات جسيمة في ملف المياه، إذ يعتمد أكثر من 98% من السكان على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه، بينما تصنف ضمن أكثر دول العالم ندرة في الموارد المائية، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد 500 متر مكعب سنوياً، وهو ما يقل عن نصف خط الفقر المائي العالمي.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تبذل جهوداً متواصلة لتوفير المياه النظيفة وتحسين كفاءة منظومة الري عبر مشروعات قومية كبرى، أبرزها محطات معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي في بحر البقر والمحسمة والدلتا الجديدة، وهي من أكبر محطات إعادة الاستخدام في العالم، لدعم خطط التوسع الزراعي واستصلاح الأراضي.
حلول مبتكرة لمواجهة التغيرات المناخية
أكد الرئيس السيسي أن أسبوع القاهرة للمياه يجسد توجه مصر نحو تبني الحلول المبتكرة في إدارة الموارد المائية، من خلال تطبيق التقنيات الحديثة والتحول إلى الإدارة الذكية للمياه، بما يضمن تحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز القدرة على التكيف مع آثار التغيرات المناخية.
وأشار إلى تنفيذ مشروعات حماية السواحل الشمالية ودلتا النيل لمواجهة ارتفاع منسوب البحر، إضافة إلى تطوير نظم الإنذار المبكر وتحسين إدارة الموارد في حالات الجفاف والفيضان.
مصر ترفض الإجراءات الأحادية في نهر النيل
وفي ملف سد النهضة الإثيوبي، شدد الرئيس السيسي على رفض مصر القاطع لأي إجراءات أحادية الجانب تتخذها إثيوبيا دون اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، مؤكداً أن “الأنهار الدولية لم تُخلق لتكون خطوط فصل بين الأوطان، بل شرايين حياة توحد الشعوب”.
وأضاف أن مصر التزمت على مدار أربعة عشر عاماً بنهج دبلوماسي متزن وسعت بجدية إلى التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح دول حوض النيل كافة، إلا أن التعنت الإثيوبي أدى إلى أضرار فعلية في دولتي المصب نتيجة التدفقات غير المنسقة للمياه.
وطالب الرئيس المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في مواجهة تلك التصرفات وضمان إدارة منضبطة للسد وفق قواعد القانون الدولي، بما يحفظ حقوق مصر والسودان المائية ويحقق التنمية المشتركة.
تعزيز التعاون الدولي من أجل الأمن المائي
وأكد السيسي أن الأمن المائي لا يتحقق إلا من خلال التعاون الدولي الفعال وتضافر الجهود لمواجهة أزمة المياه العالمية، مشيراً إلى أن مصر بادرت بطرح ملف المياه في قمة المناخ (COP27) التي استضافتها شرم الشيخ عام 2022، حيث أطلقت مبادرة “التكيف والصمود في قطاع المياه” بالتعاون مع اليونسكو والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
كما استعرض الرئيس جهود مصر في دعم الدول الإفريقية من خلال مشروعات تنموية تشمل حفر آبار مياه جوفية تعمل بالطاقة الشمسية، وإنشاء منشآت لحصاد مياه الأمطار، وتدريب الكوادر الإفريقية عبر مركز التدريب الإفريقي للمياه والتكيف المناخي.
المياه جسر للتعاون لا ساحة للصراع
اختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمته بالتأكيد على أن الماء مورد وجودي و”جسر للتعاون لا ساحة للصراع”، داعياً إلى تعزيز البحث العلمي والابتكار لتحويل الأفكار إلى مشروعات واقعية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.