اتصالات وتكنولوجيا

الميتافيرس: تقنية تتلاشى فيها الحدود المكانية

كتبت: نورهان البلتاجي

يشير مصطلح (ميتافيرس) إلى بيئة عالم افتراضي يستخدم تقنية الواقع المعزز ((AR والواقع الافتراضي (VR)

لإنشاء تجربة واقعية وتفاعلية، فبدلًا من مشاهدة الأحداث المختلفة عبر شاشة الأجهزة الإلكترونية المتنوعة،

ستتمكن من معايشة جميع أنشطتك عبر الإنترنت كالتسوق أو مقابلة الأصدقاء أو حضور حفلة موسيقية أو زيارة أي مكان تريده.

إن الأمر يتمثل في تحويل الإنترنت إلى عالم ثلاثي الأبعاد تتلاشى فيها الحدود المكانية

وتمنح الأفراد القدرة على التنقُّل إلى أي مكان حول العالم بكل حرية وفى أي وقت.

ومن المنتظر أن تغير تقنية ميتافيرس شكل الأعمال في المستقبل وتغير الطبيعة التي يعيش بها البشر

في عالمنا المعاصر نتيجة للتقنيات الرقمية التي تعتمد على آليات الواقع الافتراضي

والتي ستنقل الأفراد إلى عوالم وأفضية لا يمكن التحكم بحدودها ولا إمكاناتها.

بينما تتسابق دول العالم المختلفة للاعتماد على تقنيات الجيل الخامس لتتمكن من مواكبة تقنيات ميتافيرس والعمل

على تحسين البنية التحتية التكنولوجية لتتواكب مع تكنولوجيا المستقبل وضخ مزيد من الاستثمارات

لتحسين البنية التحتية التكنولوجية، إذ من المتوقع أن تبلغ قيمته السوقية 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030،

مما يؤكد أهمية الاستثمار في ميتافيرس وتعمل الدولة المصرية على تبني رؤية واضحة للتعامل مع الميتافيرس

والعالم الرقمي بشكل عام، وتدرك يقينًا أن الفرص الاستثمارية فيه

من الممكن أن تنقلها إلى مكانة أخرى تعود بالنفع على الاقتصاد المصري والتنمية المستدامة بشكل عام.

تسخير التقنيات لإيجاد حلول ذات إمكانات عالية وفعالية

وحرصاً من الدولة المصرية على اللحاق بركب تلك التطورات التكنولوجية أطلق مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال

بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “هاكاثون ابتكار ميتافيرس”، وهي مسابقة تقيمها مراكز إبداع مصر الرقمية

ومعامل التصنيع الرقمي بمبادرة مصر تصنع الإلكترونيات. يهدف الهاكاثون إلى إلهام الشباب المصري

في مختلف المحافظات وتشجيعهم على التعاون والتفكير الابتكاري في تطبيقات “ميتافيرس” وتسخير التقنيات

لإيجاد حلول ذات إمكانات عالية وفعالية في التواصل والعمل عن بُعد للإسهام في تسريع عمليات التحول الرقمي ودعمها.

هذا بالإضافة إلى تعزيز دور الجامعات المصرية باعتبارها مركزًا للإبداع وريادة الأعمال القائمة

على الابتكار واكتشاف الأفكار وإيجاد المواهب الشابة المبتكِرة ومساعدتها على النمو.

بينما يشمل الهاكاثون سلسلة من المسابقات والأنشطة التفاعلية التي تنفذ بنظام هجين يجمع بين الفعاليات

على الإنترنت والأنشطة التفاعلية، وذلك في 10 محافظات مختلفة، منها سبع محافظات حيث توجد مراكز إبداع مصر الرقمية

في الجامعات الحكومية، وهي جامعة المنصورة والمنوفية والمنيا وسوهاج وقنا وأسوان وقناة السويس بالإسماعيلية،

وكذلك بمعامل التصنيع الرقمي بمبادرة مصر تصنع الإلكترونيات في ثلاث محافظات، هي القاهرة والإسكندرية وأسيوط.

كما تستهدف المسابقة تعزيز استخدام التقنيات المختلفة التي تسهم في بناء وتطوير عالم “ميتافيرس”

بما يدعم بناء العديد من التطبيقات والحلول بشكل مباشر مثل GameFi -SocialFi-NFT أو بشكل غير مباشر

مثل DAO/DAC -GPT وغيرها من التكنولوجيات، بما في ذلك الواقع الممتد والواقع المعزز والواقع المختلط والواقع الافتراضي

وتحريك رسوم النماذج ثلاثية الأبعاد والكائنات الافتراضية ومرئيات (رؤية) الحاسوب والرموز غير القابلة

للاستبدال ومعالجة اللغات الطبيعية والأجهزة الحسية الملائمة للواقع الافتراضي القابلة للارتداء

وتفاعل الآلة مع الانسان والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتعلم الآلة .

إجراء الاجتماعات والتواصل وعقد ورش العمل

ويستهدف الماراثون أعضاء هيئة التدريس والباحثين بالكليات ذات الصلة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،

والمبتكرين من الطلاب والخريجين ورواد الأعمال في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

ويوفر الهاكثون أماكن مجهزة للعمل لجميع الأفرقة المشاركة لإجراء الاجتماعات والتواصل وعقد ورش العمل والتوجيه

والإرشاد والعروض التوضيحية للمشاريع وإطلاق المنتجات، فضلًا عن الأنشطة التعاونية الأخرى في جميع المحافظات السابق ذكرها.

كما خصصت الهيئة جوائز تصل قيمتها الإجمالية إلى 750 ألف جنيه تُوزع بالتساوي على ثلاثة أفرقة فائزة

في كل موقع جغرافي مشار إليه. هذا بالإضافة إلى فرص الالتحاق ببرامج تسريع وحاضنات الأعمال

والحصول على الخدمات الاستشارية والتسويقية وتطوير الأعمال التي تقدمها الهيئة وجهاتها التابعة. كما يعطي الهاكاثون الفائزين الأولوية

للالتحاق ببرامج مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال ويقدم الدعم لهم في مسيرتهم

لتحويل أفكارهم إلى شركات ناشئة تستطيع أن تنافس وتفرض نفسها في الأسواق والمجالات المختلفة.

كما يتم تقييم الأفرقة المشاركة طبقًا لدرجة ابتكار وحداثة الفكرة والفئات المستفيدة وحجم السوق المستهدفة أو المتوقعة

والربحية المحتملة والتأثير المتوقع على المستويات المحلية أو القومية أو العالمية وفريق العمل

وقدرته الفنية والإدارية ومدى النضج والتطور الذي وصل إليه النموذج الأول.

واستكمالاً لتلك الجهود شاركت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الاجتماع الأول للفريق المتخصص المعني

بميتافيرس الذي انعقد يومي 8-9 مارس عقب المنتدى الأول بشأن تبني ميتافيرس الذي نظمه الاتحاد الدولي

للاتصالات بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني يوم 7 مارس في الرياض بالمملكة العربية السعودية،

وقد تم تعيين عضوين من وزارة الاتصالات في الفريق المتخصص المعني بميتافيرس.

وضع معايير تقنية دولية لميتافيرس

بينما كان الاتحاد الدولي للاتصالات قد أنشأ فريقًا متخصصًا من الخبراء للعمل على وضع معايير تقنية دولية لميتافيرس.

بما يوفر الفريق المتخصص محفلًا للشروع في وضع الأساس للمعايير التقنية التي يمكن أن تساعد

في إنشاء نظام بيئي أساسي للتكنولوجيا والأعمال يشجع على دخول الأسواق والابتكار وكفاءة التكاليف في قطاع

بينما يتوقع بعض محللي الصناعة أن ينمو هذا القطاع إلى ما قيمته 800 مليار دولار أمريكي تقريبًا بحلول عام 2024.

كما أنشأ الفريق المتخصص المعني بالميتافيرس 8 مجموعات عمل مكلفة بتنفيذ مجموعة من المهام، منها مجموعة العمل العامة،

ومجموعات العمل المعنية بالتطبيقات والخدمات والبنية التحتية والدمج بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي وقابلية التشغيل البيني والأمن

وحماية البيانات والمعلومات الشخصية والجوانب الاقتصادية والتنظيمية والمنافسة والاستدامة والإتاحة والشمول.

إن تقنية ميتافيرس هو واقع سيغير من طبيعة العالم بشكل كامل اتِّصاليًّا واجتماعيًا وسلوكيًا واقتصاديًا، والدول

التي لن تستطيع التعامل مع هذا الواقع والتنبه لتحدياته واستغلال فرصه ستتأخر كثيرًا. والدولة المصرية

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي تواجهها وبما تمتلكه من قدرات بشرية مؤهلة وإمكانات كبيرة

لديها فرصة عظيمة لاستخدام تقنيات الواقع الافتراضي (ميتافيرس) لإحداث قفزات تنموية في قطاعات عدة،

على رأسها التعليم والصحة والسياحة، وإيجاد حلول نوعية غير تقليدية لزيادة الاستثمار بالقطاعات المختلفة

والعمل على توفير حلول جذرية للعديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وخلق اقتصاد أكثر ذكاءً وفعالية.

إنّ التكنولوجيا تنتج عددًا غير محدود من الفرص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتُمكّن المجتمعات من التطور والنمو

من خلال الاعتماد بشكل كبير على التقنيات الحديثة المتمثلة في ميتافيرس والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات

والطباعة ثلاثية الأبعاد وسلسلة الكتل والواقع المعزز والواقع الافتراضي وغيرها من تكنولوجيات المستقبل.