إهانة حواء.. جريمة مخلة بـ “الرجولة”
إعداد: غادة صلاح السيد
الصحة العالمية: كورونا رفع معدلات العنف ضد المرأة في دول العالم بسبب الحجر المنزلي
القهر الجنسي والإيذاء النفسي والاعتداء الجسدي.. أدوات الرجال لسحل شريكة الحياة
إحصائيات دولية: واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف
الإسلام يرفض كل أساليب العنف وكرم المرأة.. والرسول الكريم أوصى بـ”القوارير” خيرا
على مر التاريخ المصري مثّل العنف ضد المرأة مشكلة مستديمة وكبيرة من مشاكل الصحة العامة، باعتبارها مظهرا من مظاهر إبراز قوامة الرجل وقوة شخصيته خاصة في المناطق الريفية، كما شكل انتهاكاً لحقوق الإنسان التي تتمتع بها المرأة ويعرف العنف الممارس ضد المرأة بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أم الجنسية أو النفسية، بما في ذلك الاعتداء البدني والإكراه الجنسي والإيذاء النفسي وسلوكيات السيطرة..
وغالبًا ما يزيد العنف ضد النساء في أوقات الطوارئ والأزمات، بما فيها الأوبئة، والظروف المعيشية الصعبة ويمكن أن يتفاقم خطر تعرُّض النساء للعنف بسبب الضغط النفسي، وتفكُّك شبكات الحماية الاجتماعية، والتعثُّر المادي للأُسر نتيجة زيادة الصعوبات الاقتصادية.
وقد نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا يشير إلى تعرض ثلث نساء العالم للعنف الجسدي من قبل شركائهن فى أغلب الحالات.
ويعتبر التقرير أن جائحة فيروس كورونا ساهمت في تفاقم الأوضاع نظرا لملازمة البيوت والتبعات الاقتصادية الصعبة التي رافقتها فقد تحولت البيوت إلى “مكان خطير جدًّا” لضحايا العنف الأسري ، وانضم إلى دائرة العنف مُعنفون جدد، وفقًا لما رصدته مراكز الدعم وتلقِّي الشكاوي في مصر وبلدان مختلفة حول العالم، وتصاعدت التحذيرات الطبية مؤخرًا من أن هناك اضطرابات نفسية وانحرافات سلوكية متوقعة في حال أهملنا علاج آثار العنف المُمارَس خلال الجائحة.
وقال مدير عام منظمة الصحة إن “العنف ضد النساء آفة متجذرة في كل الدول والثقافات”، ودعا الحكومات إلى التحرك لأنه خلافا لكوفيد-19 فإن العنف الذي تتعرض له المرأة لا يمكن وقفه بلقاح”.
تعرفى علي العنف المنزلى
قد لا يكون من السهل التعرف على العنف المنزلي في البداية. وبينما تكون بعض العلاقات مسيئة بشكل واضح منذ بدايتها، فالإساءة تبدأ عادة بالخداع وتزداد سوءًا بمرور الوقت، قد يحدث لك عنف منزلي إذا كنتِ في علاقة مع شخص:
يسبك أو يهينك أو يحبطك
يمنعك عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو مقابلة أفراد عائلتك أو أصدقائك أو يحرضك على عدم القيام بذلك، يحاول التحكم في كيفية إنفاقك للأموال والأماكن التي تذهبين إليها والأدوية التي تتناولينها أو الملابس التي ترتدينها، كما يتصرف بغيرة أو بشكل تملكي أو يتهمكِ دائمًا بأنك غير مخلصة، ويضطركِ لتناول الكحوليات أو تعاطي المخدرات، يحاول أن يتحكم في ذهابكِ إلى مزود الرعاية الصحية.
يهددك بالعنف أو بالسلاح
يضربكِ أو يركلكِ بالقدم أو يدفعكِ أو يصفعكِ أو يخنقكِ أو يؤذيكِ بأي طريقة أخرى أو يؤذي أطفالكِ أو حيواناتكِ الأليفة، كما يجبركِ على الجماع أو مشاركته أشكالًا من الجماع رغمًا عنكِ، ويلومك على سلوك عنيف أو يخبركِ بأنكِ تستحقين هذا السلوك، ولا يُظهر سلوكه المسيء إلا معك، غالبًا ما يهتم الأشخاص المسيؤون بالمظاهر الخارجية، وقد يبدون جذابين ومستقرين نفسيًّا لمن هم خارج نطاق العلاقة الزوجية. وقد يتسبب ذلك في أن تعتقدي أن تصرفاته لا يفسرها إلا ما قمتِ به.
إن كنت تجدين صعوبة في التعرف على ما يحدث، فتراجعي خطوةً إلى الخلف وانظري إلى الأنماط الأكبر في علاقتكِ، راجعي بعد ذلك علامات العنف المنزلي.
في العلاقة المسيئة، فإن الشخص الذي يستخدم عادةً تلك السلوكيات يكون هو المسيء، أمَّا الشخص المتلقِّي لذلك فهو المتعرِّض للإساءة.
الإسلام يرفض العنف ضد المرأة
إن المرأة مكرَّمة فى الشريعة الإسلامية، حيث واجه الإسلام جميع أشكال العنف الذي يمكن أن تتعرض له المرأة في الوقت الذي كانت توأد فيه البنات في الجاهلية خيفة الفقر أو السبي، كما كانت تُحرم من الميراث، وحفظ الدين للمرأة حقوقها المادية والمعنوية منذ بداية الرسالة المحمدية، وقضى على جميع أشكال التمييز ضدها بعد أن كانت في المجتمعات الجاهلية تعاني التهميش وضياع الحقوق، حيث يقول تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ». وأمر الله سبحانه وتعالى الرجال أن يعاشروا نساءهم بالمعروف فقال: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا»، وهو ما يشمل حسن التعامل والمعاشرة في القول والفعل.
وحرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المرأة وصيانة كرامتها، بلغ حد أنه قد أوصى بها في أكثر من موضع، فقال: «استوصُوا بالنساءِ خيرًا، فإنهن عندَكم عَوانٌ، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك»، وقال كذلك: «رفقًا … بالقوارير»، بل كانت المرأة حاضرة في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأخيرة قبيل انتقاله إلى الرفيق الأعلى حيث قال: «أيها النَّاس، اتَّقوا الله في النِّساء، اتقوا الله في النِّساء، أوصيكم بالنساء خيرًا».
العنف ضد المرأة وجائحة كورونا لهما بعض السمات المتشابهة ، فكلاهما عالميان ولا يعرفان حدوداً ولا يميزان بين مستوى الدخل أو العرق أو الدين، وكلاهما يقتل ضحاياه ويسبب لهم معاناة هائلة جسدياً ونفسياً.
ومع ذلك، هناك اختلاف واحد كبير بين الاثنتين؛ ففي حين تجتذب جائحة كورونا الانتباه واتخاذ التدابير العالمية، فإن العنف ضد المرأة لا يحظى سوى باهتمام ضئيل نسبياً ؛ فلا يوجد عمل عالمي تم اتخاذه حياله، لا سيما التغييرات في السلوك نحو المرأة، وهو الأمر الذي تأخر كثيراً وهناك حاجة ماسة إليه.
خطوات فعلية
نجحت جمعية «أيادينا» للتنمية بمحافظة المنيا، في عقد 10 لقاءات توعوية، عن «مناهضة العنف ضد المرأة في ظل جائحة كورونا»، واستهدفت اللقاءات مئات الأهالي من سكان أحياء «غرب» و«جنوب» مدينة المنيا.
وتأتي اللقاءات ضمن فعاليات مشروع «نحو مجتمعات داعمة لقضايا النساء والفتيات في مصر»، والتي تجريها الجمعية بالتعاون مع الهيئة القبطية الإنجيلية بالمنيا، ويندرج المشروع ضمن حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة.
إن “حملة الستة عشر يوماً من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة” هي دعوة لإيقاظ المجتمع العالمي، بما في ذلك القطاعان العام والخاص، لمكافحة هاتين الجائحتين المزدوجتين؛ حيث تحتاج إلى تعزيز التحالف الدولي للشركاء الذين يكافحون العنف ضد المرأة والحفاظ على كرامتها وقبل ذلك إنسانيتها.