الأرشيف

نيوم .. التنمية الحقيقية تنطلق في جنوب سيناء

:

أنشأت مصر والمملكة العربية السعودية صندوقا مشتركا بقيمة 10 مليارات دولار، لتطوير أراض على مساحة تزيد عن ألف كيلومتر مربع في جنوب سيناء، خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقاهرة.

وكان محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قد أطلق مشروعا لمدينة عابرة للحدود باسم “نيوم”، في إطار رؤيته لعام 2030 بتحويل المملكة إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة. يقع المشروع المقرر بأقصى شمال غرب المملكة العربية السعودية، بمنطقة تبوك، ويضم مساحات داخل الأراضي المصرية والأردنية بمساحة إجمالية 26.500 كيلومتر مربع، بامتداد 460 كيلومتر على ساحل البحر المتوسط.

وقد وصفها ولي العهد السعودي في مؤتمر بالرياض، تحت عنوان “حوار نيوم” بأنها ستكون حصراً لاستثمارات “الحالمين وموقعاً للحالمين الذين يريدون خلق شيء جديد في هذا العالم، ولا مكان فيها للاستثمارات التقليدية”، وأضاف “نستهدف في هذا المشروع أن يتجاوز عدد الروبوتات عدد البشر”.

ووقعت مصر اتفاقية مع السعودية لتطوير أراضي جنوب سيناء، لتكون فرعا عن مشروع نيوم، وتقتضي الاتفاقية تأسيس صندوق مشترك المناصفة تزيد قيمته عن 10 مليارات دولار، على أن تكون حصة المصريين من خلال الأراضي المؤجرة على المدى الطويل، والتي ستكون الجانب المصري من مشروع نيوم. وتعتبر اتفاقية الاستثمار الموقعة بين الطرفين متفرعة عن اتفاقية صندوق الاستثمار السعودي المصري المشترك.

وصرحت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي أن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والأمير محمد بن سلمان ، ولي عهد المملكة العربية السعودية، توقيعها بين وزارة الاستثمار والتعاون الدولي والجانب السعودي تهدف للتعاون المشترك في إقامة المشروعات الاستثمارية ودفع التعاون الثنائي في القطاع التنموي من خلال المشروعات الاستثمارية الضخمة بين البلدين.

وذكرت الوزارة في بيان لها أن تأسيس الصندوق سيتم بإجمالي 16 مليار دولار لضخ الاستثمارات السعودية في تلك المشروعات في عدد من محافظات مصر، على أن يتم اختيار المشروعات من خريطة مصر الاستثمارية التي أعدتها الوزارة بالتنسيق مع باقي الوزارات والهيئات الحكومية.

الموقف القانوني

وأوضحت أنه سوف يتم تفعيل هذا الصندوق بعد إتمام كافة الإجراءات الدستورية اللازمة كما هو متبع في جميع الاتفاقيات الدولية التي يتم إبرامها لتمويل المشروعات التنموية في مصر، وسوف يتشكل مجلس إدارة مشترك من الجانبين المصري والسعودي يتولى وضع الخطط الاستراتيجية ومتابعة تنفيذ المشروعات بشكل يعمل على زيادة فعالية الأدوات الاستثمارية للصندوق.

وقال أمين لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب، إيهاب الطماوي، أنه بمجرد إحالة الرئيس السيسي الاتفاقية إلى مجلس النواب، ستقر اللجنة التشريعية بعدم مخالفة نصوصها للدستور، ليقوم رئيس البرلمان بعدها بتحديد اللجان النوعية المختصة بنظر موضوع الاتفاقية. لإعداد تقرير وعرضه على الجلسة العامة لأخذ موافقة أغلبية النواب عليها.

مشيرا إلى أن الاتفاقيات الدولية تمر ب 7 ممرات رئيسية: الأول هو موافقة مجلس الوزراء على الاتفاقية، وإحالتها إلى رئيس الجمهورية، الذي يقوم بدوره بإحالتها إلى رئيس مجلس النواب، ليقوم الأخير بإحالتها إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، لتعد تقريرا عن مدى مطابقة نصوص الاتفاقية لمواد الدستور المصري، وما إذا كان إقرارها يتطلب استفتاء الشعب من عدمه.

والإجراء الخامس، بحسب الطماوي، هو عرض تقرير اللجنة التشريعية على الجلسة العامة للبرلمان، وفي حالة إقراره بعدم مخالفة بنود الاتفاقية للدستور، يحيل رئيس البرلمان الاتفاقية مرة أخرى إلى اللجنة النوعية المختصة بدراسة موضوع الاتفاقية، لتعد هي الأخرى تقريرا، يعرض على الجلسة العامة للبرلمان، وبعدها يطلب رئيس البرلمان من النواب التصويت على الاتفاقية.

لافتا إلى أن الخطوة التالية لموافقة أغلبية نواب البرلمان على إقرار الاتفاقية، هي إحالتها إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليها، ونشرها في الجريدة الرسمية إيذانا بتفعيلها وإدخالها حيز النفاذ.

مشروعات التطوير

السعودية
السعودية

من الجدير بالذكر، أن مصر تشارك بألف كيلومتر من أراضيها بجنوب سيناء، كما صرح مسؤول سعودي، لوكالة رويترز، أوضح أن المملكة ستقوم بإنشاء 7 نقاط جذب بحرية سياحية ما بين مدن ومشروعات سياحية في نيوم، بالإضافة إلى 50 منتجعًا و4 مدن صغيرة في مشروع سياحي منفصل بالبحر الأحمر، في حين ستركز مصر على تطوير منتجعي شرم الشيخ والغردقة.

وستعمل السعودية بالتعاون مع مصر والأردن على استقطاب شركات الملاحة والسياحة الأوروبية العاملة في البحر المتوسط خلال فصل الصيف للعمل بعد الصيف في البحر الأحمر، حيث تتفاوض السعودية الآن مع أكثر من سبع شركات سياحية لتنشيط الملاحة البحرية في المنطقة.

وقد تم دعم “نيوم” من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي والمستثمرين المحليين والعالميين بقيمة 500 مليار دولار، بالتركيز على 9 قطاعات استثمارية متخصصة تشمل مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات، ويعمل مشروع «نيوم» على جذب الاستثمارات الخاصة والاستثمارات والشركات الحكومية

على هامش “نيوم”

وكذلك وقعت السعودية ومصر اتفاقية بيئية هي عبارة عن بروتوكول لحماية البيئة البحرية في البحر الأحمر والحد من التلوث. وتعد هذه الاتفاقية جزء من الاستراتيجية السعودية قبل شروعها في البدء في مشاريع البحر الأحمر  للحد من التلوث والمحافظة على الشعب المرجانية والشواطئ والاتفاق على ضوابط ملزمة لمنع التلوث البصري.

كما تم إبرام تعاونا مشتركا لتشجيع الاستثمار بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في جمهورية مصر العربية، والهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، بهدف تبادل فرص الأعمال والاستثمار  لزيادة الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، لتسهيل التعاون في مجال الاستثمار وتبادل القوانين والتشريعات واللوائح وكافة التطورات المتعلقة بمناخ الاستثمار، في كلا البلدين وعقد منتديات وورش عمل ولقاءات مشتركة عن الاستثمار وتبادل بعثات الأعمال، بين الطرفين لتشجيع الاستثمار وتنظيم اللقاءات التوافقية بين رجال الأعمال والشركات في البلدين، والعمل على إزالة الصعوبات التي قد تعوق تنفيذ الاستثمارات التي ينفذها مستثمري أي من الجانبين لدى الجانب الأخر.

ويذكر أن “نيوم” سيكون منطقة خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، فيما عدا الأنظمة السيادية ، هو كل ما يتعلق بالقطاعات العسكرية والسياسة الخارجية والقرارات السيادية بحسب ما تراه حكومة المملكة مناسباً، مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة عالميا.

السعودية / جدوى نيوم

أكد الدكتور إبراهيم صالح ، خبير التخطيط والاقتصاد بالمعهد القومي للتخطيط، أن المشروع سيدعم الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالانتهاء من تنمية شبه جزيرة سيناء بحلول 2020، حيث سيساعد كثيرًا على إقامة عدد من المدن والمنتجعات السياحية، كذلك إقامة المشروعات الصناعية العملاقة مما يساعد على تواجد الكتلة البشرية على أرض سيناء، وهو ما يعني القضاء نهائيًا على تواجد الجماعات الإسلامية المتطرفة بها.

مضيفا أن المشروع سيحقق طفرة كبيرة في قطاع السياحة في منطقة البحر الأحمر، ولاسيما شرم الشيخ والغردقة، مما يتيح فرصة فتح أسواق العمل أمام المصريين، مما يقلل من مستويات البطالة، وينعش الاقتصاد المصري.

في السياق ذاته، قال الدكتور محمود الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن المشروع يحقق طفرة اقتصادية كبيرة لمصر على مدار الثلاثين عامًا الماضية، حيث يعد إضافة قوية لكل الخطط الاستثمارية لمصر في سيناء ومحور السويس، مشيرًا إلى أن المشروع سيوفر العملة الأجنبية الصعبة، وعلى رأسها الدولار، وذلك من خلال زيادة المنتجات والسلع التي يتم إنتاجها من مشروع “نيوم”، وخاصة أنه يقع في ملتقى ثلاث قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، ويتوسط مسارات التجارة العالمية، مما يكون سببًا لعبور الشركات متعددة الجنسيات إلى الأسواق العربية والأفريقية.