تأمين

تأمين المتاحف وحماية التراث الثقافي من الأخطار المحتملة

كتبت: ايمان حسن

 أهمية حماية التراث الثقافي

تعتبر المتاحف حجر الزاوية في الحفاظ على التراث الثقافي وحفظ ذاكرة الشعوب،

إذ توثق مسيرة الحضارات الإنسانية عبر العصور فهي ليست مجرد مبانٍ تحتوي على

مقتنيات فنية وأثرية، بل تمثل رمزًا للهوية الوطنية واستمرارية التاريخ الإنساني لذلك،

أصبح تأمين المتاحف ضرورة ملحة لضمان حماية هذه الكنوز من أي أخطار محتملة قد

تهدد فقدها أو تلفها، سواء كانت طبيعية أو بشرية في هذا السياق، أصبح تأمين المقتنيات

الفنية والثقافية أداة رئيسية لضمان استدامة التراث وحمايته، خصوصًا مع تصاعد المخاطر

الحديثة التي تواجه المؤسسات الثقافية.

أولًا: مفهوم تأمين المتاحف وطبيعته الخاصة

يعرف تأمين المتاحف بأنه التغطية التأمينية المصممة خصيصًا لحماية المقتنيات الفنية

والأثرية والعلمية من أي خطر قد يؤدي إلى فقدها أو تلفها، سواء داخل المتحف أو أثناء

نقلها أو عرضها في أماكن أخرى يمثل هذا النوع من التأمين خصوصية عالية، إذ تتجاوز قيمة

المقتنيات مجرد البعد المالي لتشمل قيمتها التاريخية والثقافية التي قد لا يمكن تعويضها مالياً.

ويستهدف هذا التأمين عادة:

إدارات المتاحف والمراكز الثقافية.

الهيئات الحكومية المعنية بالتراث.

الجامعات والمؤسسات التي تحتفظ بمقتنيات فنية أو أثرية.

المعارض المؤقتة ودور العرض الفنية.

ثانيًا: الأخطار التي تهدد المتاحف والمقتنيات الفنية

تتعرض المتاحف لمجموعة واسعة من الأخطار المحتملة، والتي يمكن تصنيفها كالآتي:

1. الأخطار الطبيعية

تشمل الحرائق، الفيضانات، الزلازل، العواصف والانهيارات الأرضية. وتعد الحرائق

الأخطر والأكثر شيوعًا، خاصة في المتاحف القديمة ذات البنية الخشبية

أو التي تفتقر لأنظمة إطفاء حديثة.

2. الأخطار البشرية

تشمل السرقة، التخريب المتعمد، الإهمال الإداري، أو الأخطاء أثناء النقل أو الصيانة.

وتشير الإحصاءات الدولية إلى أن سرقات المتاحف تمثل نسبة كبيرة من الجرائم الثقافية.

3. الأخطار أثناء النقل والمعارض المؤقتة

تزداد المخاطر عند نقل القطع الفنية أو عرضها خارج المتحف، لذا تعتمد شركات

التأمين على وثائق خاصة لتغطية هذه الفترات القصيرة عالية المخاطر.

4. الأخطار الإلكترونية والتكنولوجية

مع التحول إلى المتاحف الرقمية، ظهرت مخاطر جديدة مثل الهجمات السيبرانية

أو فقدان البيانات الرقمية الخاصة بتوثيق المقتنيات.

ثالثًا: التغطيات التأمينية للمتاحف والمقتنيات الفنية

تقدم شركات التأمين مجموعة متنوعة من التغطيات لتلبية احتياجات المتاحف، أهمها:

تأمين الحريق والأخطار الإضافية: يغطي الحرائق، الانفجارات، العواصف، الصواعق وتسرب المياه.

تأمين السرقة والفقد: يحمي من السرقة بالإكراه أو نتيجة اقتحام أو الإهمال.

تأمين النقل والمعارض المؤقتة (Exhibition and Transit Insurance): وثيقة لفترة محددة

تغطي النقل والعرض خارج المتحف.

تأمين المقتنيات الفنية (Fine Art Insurance): يشمل القطع الفنية ذات القيمة العالية

ويستند إلى تقييم متخصص من خبراء الفن.

تأمين المخاطر الإلكترونية: يحمي البيانات والأنظمة الرقمية في المتاحف الذكية من الاختراق أو التلف.

رابعًا: تقييم القيمة التأمينية للمقتنيات

تقييم المقتنيات الفنية يمثل أحد أصعب جوانب تأمين المتاحف، إذ تتجاوز القيمة

الحقيقية للقطعة البعد المالي التقليدي. وتعتمد عملية التقييم على:

ندرة وأصالة وتاريخ المقتنى.

القيمة السوقية الحالية والتقديرات الدولية.

الحالة الفيزيائية للقطعة.

ويتم الاستعانة بخبراء تقييم معتمدين لتحديد القيمة التأمينية، كما تشارك شركات

إعادة التأمين لتخفيف العبء المالي على المؤسسات الثقافية.

 استدامة التراث الثقافي عبر التأمين

يعد تأمين المتاحف والمقتنيات الفنية عنصرًا أساسيًا في حماية التراث الثقافي

وضمان استمراريته للأجيال القادمة. ومع التطور المستمر للأخطار الطبيعية والبشرية

والتكنولوجية، يصبح هذا التأمين أكثر أهمية من أي وقت مضى.