مقالات

العالم في ضيافة الفراعنة

كتب: أيمن عدلي

في لحظة ينتظرها العالم منذ سنوات، تتجه أنظار الملايين من مختلف القارات نحو سفح الأهرامات، حيث يشهد التاريخ ميلاد صرح ثقافي فريد من نوعه “المتحف المصري الكبير” ،أكبر متحف للآثار في العالم وأعظم مشروع حضاري يجسد روح مصر القديمة في ثوب عصري حديث..إنه ليس مجرد افتتاح لمبنى ضخم يحتضن كنوز الفراعنة، بل حدث عالمي يربط بين الماضي والمستقبل، ويفتح صفحة جديدة في سجل السياحة والثقافة الإنسانية.

العالم في ضيافة الفراعنة

ويقف المتحف المصري الكبير على بعد خطوات من أهرامات الجيزة، في قلب منطقة تحولت بجهود الدولة المصرية إلى مركز عالمي للحضارة والضيافة والثقافة.. حيث صمم المتحف ليكون جسرًا بين الحضارات، يستقبل زواره من مختلف الجنسيات، ويعرض تاريخ مصر الممتد لأكثر من سبعة آلاف عام بلغة يفهمها الجميع:”لغة الجمال والإبداع الإنساني”.

ومن خلال تصميمه المعماري الفريد، وقاعاته المزودة بأحدث التقنيات، وتجهيزاته التفاعلية الحديثة، سيصبح المتحف مركزًا للتواصل الثقافي والعلمي بين الشعوب..فالمتحف لا يكتفي بعرض الآثار فحسب، بل يقدم تجربة متكاملة تتيح للزائر التفاعل مع التاريخ من خلال الواقع الافتراضي والعروض البصرية، لتتحول زيارة المتحف إلى رحلة عبر الزمن.

ومن وجهة نظري أن افتتاح المتحف المصري الكبير يأتي في لحظة استثنائية، ليكون الحدث الثقافي الأبرز عالميًا..فالدول والمؤسسات والمنظمات الثقافية الكبرى تابعت بشغف مراحل إنجاز هذا المشروع الذي استغرق سنوات من العمل المتواصل، بمشاركة خبراء مصريين وأجانب من مختلف التخصصات.

وبكل تأكيد نتظر أن يضع المتحف مصر في صدارة خريطة السياحة الثقافية العالمية، وأن يضاعف من أعداد السياح الذين يتوافدون سنويًا إلى البلاد، لما يقدمه من تجربة فريدة لا مثيل لها في أي مكان آخر.

ولا يخفى على أحد أن وراء هذا الإنجاز رحلة كفاح طويلة، واجهت خلالها الدولة المصرية العديد من التحديات من عمليات نقل آلاف القطع الأثرية الحساسة، إلى تجهيز قاعات العرض والتخزين بأحدث أنظمة الحماية والتكنولوجيا.

كما شملت الجهود إعادة تطوير منطقة الجيزة بالكامل لتواكب هذا الحدث العالمي، من تحسين البنية التحتية والطرق والمواصلات، إلى إنشاء فنادق ومناطق خدمية جديدة تليق بزوار المتحف وتخدم الحركة السياحية في المنطقة.

وقد كان لاهتمام القيادة السياسية ومتابعتها الدقيقة لكل مراحل المشروع الدور الحاسم في خروج هذا الصرح إلى النور بالصورة التي تليق بعظمة مصر وتاريخها..فالمتحف المصري الكبير لم يكن مجرد مشروع عمراني، بل مشروع وطني يمثل إرادة أمة قررت أن تُعيد تقديم حضارتها للعالم بثوب يليق بمكانتها.

إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد متحف، بل رسالة من مصر إلى العالم بأن هذه الأرض ما زالت منارة للحضارة والإبداع الإنساني..حيث سيظل هذا الصرح شاهدًا على قدرة المصريين على صنع المعجزات، وعلى أن الحضارة المصرية ليست فقط إرثًا من الماضي، بل قوة ناعمة تُضيء طريق المستقبل.

فاليوم..ونحن نحتفل بهذا الافتتاح التاريخي، لا نحتفي بحدث أثري فحسب، بل بولادة مرحلة جديدة في تاريخ السياحة والثقافة المصرية، تعيد لمصر مكانتها كعاصمة للتراث الإنساني ومركز للقاء كل حضارات العالم على أرض واحدة.