مقالات

التربية في زمن المراهقة.. معركة الوعي وسط فوضى القيم

كتبت: بقلم: مروه ابو زاهر

تُعد مرحلة المراهقة من أكثر المراحل الحساسة في حياة الإنسان، فهي المرحلة التي يتكوّن فيها الوعي

وتتشكل فيها الشخصية، حيث يبدأ الشاب أو الفتاة في البحث عن الذات وتحديد الهوية.

ومع التطورات السريعة التي يشهدها المجتمع اليوم، أصبحت التربية في فترة المراهقة تحديًا كبيرًا

يواجه الأسرة والمجتمع على حد سواء.

لم تعد التربية مجرد توجيه أو نصيحة كما كان في الماضي، بل أصبحت معركة حقيقية بين القيم والأفكار

الدخيلة، بين الوعي والانجراف وراء سلوكيات مدمرة.

فمع انتشار المخدرات والتدخين بين فئة الشباب، وتراجع دور الأسرة والمدرسة في

التوجيه، يواجه المراهق اليوم ضغوطًا نفسية واجتماعية لم تعرفها الأجيال السابقة.

البيئة المحيطة بالشباب أصبحت أكثر تعقيدًا، إذ لم يعد الشارع مكانًا آمنًا، ولا المدرسة

أو الجامعة مجرد ساحة تعليم، بل أصبحت هذه الأماكن بيئات يختبر فيها الشاب ثبات قيمه

وسلوكياته.

وبين مؤثرات الإنترنت، وضغط الأقران، وإغراءات التجربة، تضيع البوصلة لدى كثير

من المراهقين الذين يبحثون عن ذاتهم في عالم مزدحم بالتناقضات.

إن التربية الحديثة لا تقوم على العقاب أو التهديد، بل على الحوار والاحتواء، وعلى

بناء الثقة بين المربي والمراهق.

فالشباب في هذه المرحلة يحتاجون إلى من يستمع إليهم ويفهم مخاوفهم، لا من يُملي عليهم الأوامر.

إنهم بحاجة إلى نموذج وقدوة صالحة أكثر من حاجتهم إلى نصيحة عابرة.

كما أن مسؤولية التربية لم تعد تقع على عاتق الأسرة فقط، بل على المجتمع

بأسره، بدءًا من المدرسة والإعلام، مرورًا بدور العبادة، وصولًا إلى المؤسسات الشبابية

التي يجب أن توفر بدائل إيجابية تملأ وقت المراهقين وتوجه طاقتهم في مسارات سليمة.

في النهاية، فترة المراهقة ليست أزمة يجب تجاوزها، بل مرحلة يجب احتواؤها.

والتربية ليست واجبًا ثقيلًا، بل رسالة وعي ومسؤولية تتطلب الصبر والحكمة.

فإذا نجحنا في عبور أبنائنا هذه المرحلة بسلام، فإننا نضمن مجتمعًا أكثر وعيًا وتماسكًا في المستقبل