مصر ترسم مستقبل الذكاء الاصطناعي: استراتيجية وطنية للتحول الرقمي والتنمية المستدامة

في إطار فعاليات المؤتمر الدولي الأول حول الذكاء الاصطناعي، نظّمته جامعة القاهرة،
شهدت الجلسة الوزارية الأولى نقاشًا معمقًا حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر،
تحت عنوان “مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر”، بمشاركة نخبة من كبار المسؤولين
وصناع القرار، وبحضور د خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة،
ود عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ود أيمن عاشور وزير التعليم العالي
والبحث العلمي، وأ محمد جبران وزير العمل، وأدارت الجلسة د هالة السعيد مستشا
رئيس الجمهورية للتنمية الاقتصادية.
الذكاء الاصطناعي في مصر: من الاستراتيجية إلى التنفيذ
أكدت د هالة السعيد أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في ملف الذكاء الاصطناعى،
بدءًا من تشكيل المجلس الوطني للذكاء الاصطناعى وإطلاق الاستراتيجية الوطنية،
مشيرةً إلى أهمية توظيف هذه التقنيات في دعم أهداف التنمية المستدامة.
وأوضحت أن تقنيات الذكاء الاصطناعى تشهد انتشارًا متسارعًا عالميًا، ما يعكس
التحديات والفرص المرتبطة بها، خاصة على مستوى الأداء المؤسسي والخدمات العامة.
الذكاء الاصطناعي والتنمية البشرية
تناول د. خالد عبدالغفار أهمية الذكاء الاصطناعي كعنصر فاعل في تحقيق التنمية البشرية،
مؤكدًا أن تحسين التعليم والصحة وتمكين المواطنين من المعرفة أساس لبناء اقتصاد قوي.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يشكل تهديدًا مباشرًا للوظائف، لكنه يتطلب تأهيل
العاملين وتطوير المهارات لمواكبة التحول الرقمي وأكد على استخدام الوزارة لتقنيات
الذكاء الاصطناعى في تحليل البيانات الطبية وتطوير النظم الصحية، ما ينعكس على جودة الخدمات الصحية.
مصر الأسرع في الإنترنت بإفريقيا: استثمارات تتجاوز 3.3 مليار دولار
أوضح د عمرو طلعت أن مصر سجلت تقدمًا كبيرًا في البنية التحتية الرقمية
وتُعد الأسرع في خدمات الإنترنت بالقارة الإفريقية، باستثمارات بلغت 3.3 مليار
دولار خلال 7 سنوات وشدد على ضرورة توفير بيئة رقمية مرنة مع حماية خصوصية
البيانات، مشيرًا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومة التأمين
الصحي الشامل، ضمن خطوات تنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعى في مصر.
الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي
أكد د أيمن عاشور أن الذكاء الاصطناعي لا يمثل بديلًا للأستاذ الجامعي،
بل هو أداة داعمة لتطوير التعليم والبحث العلمي. وأشار إلى قيام المجلس الأعلى
للجامعات بوضع ضوابط أخلاقية وتشريعية لاستخدام الذكاء الاصطناعى داخل
منظومة التعليم العالي، إلى جانب دعم الطلاب من خلال بنك المعرفة المصري
وبرامج تأهيل متعددة التخصصات كما لفت إلى إطلاق مبادرة “تحالف وتنمية”،
وضمنها مبادرة “تأهيل مليون مبتكر ومبدع”، مع تأسيس أكثر من 45 مركز تأهيلي
داخل الجامعات لتدريب الطلاب على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع شركات
عالمية مثل “أمازون”، “جوجل”، و”مايكروسوفت”.
الذكاء الاصطناعي في سوق العمل والقانون الجديد
استعرض أ محمد جبران وزير العمل دور الذكاء الاصطناعى في دعم العدالة العمالية
وتحسين بيئة العمل، مشيرًا إلى أن قانون العمل الجديد يشمل بنودًا تضمن حقوق
العاملين باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعى، مع الحفاظ على خصوصيتهم
وتأمين وظائفهم وسط التحولات الرقمية.
خارطة طريق وطنية للريادة الرقمية
اختُتمت الجلسة بعرض خارطة طريق وطنية للريادة الإقليمية في مجال الذكاء الاصطناعى،
حيث ناقش الوزراء الأطر التشريعية والحوكمة الرقمية، وأهمية بناء القدرات البشرية كأحد
الركائز الأساسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعى الآمنة والمستدامة كما تم التأكيد على
ضرورة تعزيز الشراكات بين الحكومة والجامعات والقطاع الصناعي لتسريع نقل التكنولوجيا
وتحقيق أثر اقتصادي ومجتمعي مستدام يعزز مكانة مصر على خريطة التحول الرقمي العالمية.
في ضوء هذا التقدم المتسارع في الذكاء الاصطناعي، تشكل مصر نموذجًا إقليميًا واعدًا في
التحول الرقمي ودمج الذكاء الاصطناعى في مجالات التعليم، الصحة، سوق العمل، والاتصالات.
وتشير خارطة الطريق الوطنية إلى التزام الحكومة المصرية بتطوير البنية التحتية الرقمية،
دعم الابتكار، وحماية البيانات، بما يضمن استخدامًا آمنًا وفعالًا لتقنيات الذكاء الاصطناعى في خدمة المواطن.