مقالات

الذكاء الاصطناعي المفتوح والقابل للتوسع: استراتيجية المستقبل لتحويل الأعمال في الشرق الأوسط

كتب: بقلم أنيربان موكيرجي

 في ظل تسارع التحول الرقمي واعتماد المؤسسات على تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي

وتعلم الآلة وتحليلات البيانات الضخمة، أصبحت الحاجة إلى نماذج ذكاء اصطناعي آمنة،

قابلة للتوسع، ومبنية داخليًا أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، خصوصًا في منطقة الشرق

الأوسط التي تسعى لتبوؤ موقع عالمي في مجال الابتكار في هذا السياق، يظهر الذكاء

الاصطناعي المفتوح كحل استراتيجي لتحقيق قيمة مستدامة تتجاوز الاستخدام السطحي

للتقنيات نحو امتلاكها وبنائها بما يخدم الأهداف التجارية طويلة الأمد.

التحول من استهلاك التكنولوجيا إلى بنائها

بينما توفر منصات الذكاء الاصطناعي الجاهزة نتائج سريعة، إلا أنها تفتقر إلى عناصر هامة

مثل الامتثال، الخصوصية، والاستقلالية. يكمن التحدي في معرفة “من يملك التكنولوجيا؟”

وليس فقط “كيف نستخدمها؟”، وهو تساؤل محوري للشركات الراغبة في الاستفادة

من إمكانيات الذكاء الاصطناعي القابل للتوسع بفعالية وعلى المدى الطويل.

الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط: من الطموح إلى التطبيق

تشير تقديرات PwC إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط قد يضيف

أكثر من 320 مليار دولار أمريكي إلى الناتج المحلي بحلول عام 2030. وتُعد السعودية

والإمارات من أبرز الدول في قيادة هذا التحول، مدعومتين باستراتيجيات وطنية طموحة

مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية حكومة أبوظبي الرقمية 2025-2027.

ورغم هذا الزخم، لا تزال العديد من المؤسسات في مراحل مبكرة، وتعتمد بشدة على

الموردين الخارجيين، ما يثير مخاوف حول أمن البيانات وفقدان السيطرة التقنية.

فجوات الثقة في نماذج الذكاء الاصطناعي العامة

تتمثل أبرز التحديات المرتبطة بالاعتماد على نماذج الذكاء الاصطناعي المستضافة خارجيًا فيما يلي:

مخاطر أمن البيانات: إرسال بيانات حساسة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي العامة يعرض

الملكية الفكرية والمؤسسات لمخاطر تسرب البيانات.

ضعف الامتثال: المنصات المستضافة غالبًا لا تفي بمتطلبات تنظيمية صارمة مثل GDPR وHIPAA.

انعدام التخصيص: النماذج المدربة على بيانات عامة لا تلبي متطلبات سيناريوهات العمل المتخصصة.

لذلك، أصبح الانتقال إلى نموذج “البناء الداخلي للذكاء الاصطناعي” ضرورة استراتيجية، وليس خيارًا.

الذكاء الاصطناعي المفتوح والخاص: حلول مستقبلية قابلة للتخصيص

تقدم النماذج مفتوحة المصدر مثل Llama وMistral وPhi-2 وغيرها بدائل فعالة وآمنة للنماذج العامة، من خلال:

الشفافية والمرونة في التدريب والنشر.

التحكم الكامل بالبيانات.

قابلية التوسع والتخصيص حسب السياق التجاري.

ويُقصد بـ الذكاء الاصطناعي الخاص تطوير حلول داخل بيئة المؤسسة، سواء في السحابة الخاصة

أو البنية التحتية الهجينة، مع دمج تقنيات مثل التوليد المعزز بالاسترجاع (RAG) والضبط الدقيق (Fine-tuning).

الفوائد الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي الخاص

اعتماد الذكاء الاصطناعى المفتوح والخاص يمكن أن يحقق للشركات

اقتصاديات قابلة للتنبؤ: تقليل التكاليف عبر تحسين استخدام وحدات معالجة الرسومات.

الحد من تكنولوجيا المعلومات الظلية: توفير بيئات موحدة وآمنة للفرق الداخلية.

الابتكار الآمن والسريع: إنشاء نماذج ذكاء اصطناعي داخل المؤسسة باستخدام بياناتها الخاصة.

حوكمة قوية: ضمان الامتثال الكامل للوائح والسياسات الداخلية.

دراسات حالة من الشرق الأوسط: المكاسب القابلة للقياس

قطاع البنوك – دينيز بنك: قلص وقت طرح النماذج من أسبوع إلى 10 دقائق باستخدام منصة

ذكاء اصطناعي خاصة، مما ساهم في تسريع القرارات المتعلقة بالائتمان والاحتيال.

قطاع الطاقة – أرامكو: دمج الذكاء الاصطناعى في التحليلات الجيولوجية والتشغيلية،

مما زاد من سرعة العمليات ورفع كفاءة الإنتاج.

النتيجة: الأدوات مفتوحة المصدر + النشر الخاص = قيمة أسرع وحوكمة أفضل.

الذكاء الاصطناعي الوكيل: الجيل التالي من الأتمتة

بدأت المؤسسات تتجه نحو مفهوم “الذكاء الاصطناعى الوكيل”، وهو تطور من

المساعدات الذكية إلى وكلاء مستقلين قادرين على تنفيذ مهام مؤسسية كاملة، مثل:

تحديث البيانات في أنظمة إدارة علاقات العملاء (CRM)

معالجة الفواتير تلقائيًا

جدولة الاجتماعات وإدارة الوقت

عبر أدوات مفتوحة مثل MCP وLlama Stack، يمكن بناء وكلاء ذكاء اصطناعي

يتمتعون بمستوى عالٍ من التكامل والخصوصية والامتثال.

 الذكاء الاصطناعي القابل للتوسع لم يعد خيارًا بل ضرورة استراتيجية

في منطقة تشهد تحولاً رقمياً متسارعاً، فإن تبني الذكاء الاصطناعى المفتوح والخاص ليس

فقط استجابة للتطور، بل خطوة استراتيجية لضمان السيادة التقنية، وتعزيز الابتكار،

وحماية البيانات التي تُعد أهم أصول العصر الرقمي في النهاية، المؤسسات التي تستثمر

اليوم في بناء حلول ذكاء اصطناعي مرنة وقابلة للتوسع، ستكون في طليعة المنافسة في المستقبل.