كيف تعبّر أسماء جلال عن تحوّل نظرة الفنان لذاته في زمن السوشيال ميديا؟

في زمن أصبح فيه كل ما هو خاص معلنًا على الملأ، خرجت الفنانة المصرية أسماء جلال لتعلن
موقفًا واضحًا، بل وفلسفيًا، تجاه خصوصية الفنان، واضعة خطًا فاصلًا بين ما هو شخصي، وما
يحق للجمهور معرفته.
ففي لقائها مع الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامج “الصورة”، أكدت أسماء جلال أنها لا تقبل أن يكون
الفنان متاحًا للجمهور إلا بحدود ما يقدمه من عمل فني، رافضة التدخل في حياتها الخاصة، بقولها:
“كل واحد يخليه في حاله.. أنا مش بحكم على حد ومش مهتمة بحياة غيري”.
تصريحٌ يبدو بسيطًا، لكنه يحمل تحولًا عميقًا في العلاقة بين الفنان وجمهوره، خاصة في
ظل تصاعد دور السوشيال ميديا، حيث باتت الحياة الشخصية جزءًا من “المنتج الفني” بشكل أو بآخر.
أسماء جلال: من التمثيل إلى التعبير الذاتي
اللافت أن هذا الموقف لم يكن مجرد تصريح منفصل، بل اتسق مع فلسفة فيلمها الجديد
“فيها إيه يعني؟”، الذي رأت فيه الفنانة تجسيدًا حقيقيًا لقناعتها بالحياة.
قالت:
“أنا بطبّق الجملة دي في حياتي طول الوقت، مش بعتبرها جرأة.. دي حرية شخصية”.
والسؤال هنا ليس عن مضمون الفيلم فقط، بل عن الدور المتزايد الذي أصبح يلعبه الفن
في التعبير عن الذات، بعيدًا عن التمثيل الكلاسيكي للشخصيات، ليصبح مرآة حقيقية
للمشاعر والتجارب الشخصية.
بين الحرية والحذر: الشخصية المتسلطة ليست دائمًا مذنبة
في فيلم “فيها إيه يعني؟”، تلعب أسماء دور شخصية تبدو متسلطة، لكنها توضح
أن هذه “السيطرة” ناتجة عن خوف شديد على من تحب.
المفارقة أن هذا البُعد ليس من وحي الخيال، بل مستمد من تجربتها الحياتية مع والدها، حيث قالت:
“كنت بغار على بابا جدًا، وكنت بروح معاه الشغل قبل الجامعة”.
الفن كعلاج وتحرر
اعتراف أسماء جلال بأنها تخلت عن هذا “الحذر الزائد” بعدما أدركت أن القدر
لا يمكن منعه، يكشف وجهًا جديدًا للفن:
الفن كأداة تحرر وتصفية داخلية.
“اكتشفت إن مهما حاولت أحافظ على حد، اللي مكتوب هيحصل، فسيبتها على الله”.
هذا البُعد العاطفي يعيد الاعتبار للفنان كإنسان أولًا، يعالج قضاياه الشخصية من خلال الفن، لا العكس.
لا معايير للحب.. ولا اهتمام بما يُقال
رفضت الفنانة الشابة أن تضع أي شروط لشريك حياتها، معتبرة أن الراحة النفسية هي كل ما تبحث عنه.
وفي مواجهة عالم يزخر بالآراء السطحية، أكدت أنها لا تهتم بالتعليقات أو ما يُقال عنها على السوشيال
ميديا، مشددة على أنها تعيش بما يرضيها هي أولًا.
هذا الطرح يتماشى مع رؤية أكثر نضجًا للفنان كفرد مستقل، لا آلة للرضا الجماهيري.
“فيها إيه يعني؟”.. عمل فني بروح الناس
أما عن الفيلم ذاته، فتؤكد أسماء جلال أنه يحمل مشاعر إنسانية حقيقية، ورغم كونه رومانسيًا
كوميديًا، إلا أنه يلامس قضايا عميقة كالحب في منتصف العمر، والمجتمع، والرفض، والماضي الذي لا يموت.
ويشاركها البطولة:
ماجد الكدواني، غادة عادل، مصطفى غريب، ميمي جمال، ومن إخراج الشاب عمر رشدي،
وتأليف وليد المغازي، ويظهر الفنان أحمد سعد كضيف شرف.
العرض في السعودية: تأكيد على التوسع العربي للسينما المصرية
أعربت أسماء عن سعادتها بعرض الفيلم في السعودية، في خطوة تؤكد على توسع سوق
السينما المصرية عربيًا، وسط جمهور أصبح أكثر تنوعًا وتقبلًا للفن الذي يعكس همومه وقضاياه.
رسالة إلى الجمهور: الفن للفرح.. وليس للمراقبة
اختتمت أسماء جلال حديثها برسالة إلى جمهورها، ليست فقط عن الفيلم، بل عن المعنى
الأوسع للفن في حياتها:
“يا رب الفيلم يعجب الناس ويخرجوا من السينما وهم فرحانين”.
زاوية التحليل: ما الذي نقرأه بين السطور؟
تصريحات أسماء جلال تكشف عن جيل جديد من الفنانين الذين لا يسعون فقط لإرضاء الجمهور،
بل لتكوين علاقة متوازنة معهم، تقوم على الفن كجسر، لا كنافذة مفتوحة على الحياة الخاصة.
هي دعوة لاحترام الفنان كإنسان، وتجديد للنقاش حول الخصوصية في عصر الشهرة الرقمية.