نجوم وفنون

وردة الجزائرية تتصدر ترند 2025..أسطورة الطرب العربي تضيء الساحة بحكاياتها وصوتها الخالد

كتبت: مريم اسامه

تُعد الفنانة وردة الجزائرية أيقونة الغناء العربي، بصوتها الذي يلامس الوجدان وأدائها المفعم بالمشاعر.

لم تكن وردة مجرد مطربة، بل كانت سيدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جمعت بين النجومية الساطعة والأمومة الحانية.

في هذا التحقيق الصحفي الحصري، نغوص في جوانب خفية من حياة “سيدة الطرب”، نستعرض مسيرتها الفنية

الحافلة، ونسلط الضوء على علاقتها الاستثنائية بابنها رياض وزوجته يولا، التي تفتح قلبها لتكشف تفاصيل لم تُروَ من قبل.

يولا تروي: صداقة وعائلة في كنف وردة الجزائرية

في حوار حصري، تكشف السيدة يولا، زوجة رياض قصري، الابن الأكبر للفنانة وردة الجزائرية، عن عمق العلاقة

التي جمعتها بـ”سيدة الطرب”. صداقة بدأت بلقاء عابر، وتطورت إلى رابطة عائلية قوية تجاوزت حدود الزواج.

“أول مرة رأيتها كانت في حفل لها بعمان عام 1993، كنت متزوجة وقتها، وكنت سعيدة بزيارتها كونها من فناناتي

المفضلات”، تقول يولا، مضيفة أنها كانت تتصور وردة نجمة تعيش في برج عاجي، لكنها اكتشفت إنسانة “متواضعة،

بسيطة، ورقيقة جداً” فور لقائهما.

بدأت صداقة وردة ويولا تتجلى في تفاصيل صغيرة؛ ففي إحدى المرات، عندما دمعت عينا يولا لمرض أخيها،

قالت وردة لرياض: “قلبها حنون، تبكي على أخيها”.

هذه اللحظات العفوية أرست دعائم علاقة عميقة، توجتها وردة بطلبها من يولا أن تبحث عن عروس لابنها رياض.

المفارقة أن وردة، بعد 12 عاماً، أصرت على زواج رياض من يولا بالذات، قائلة: “لم أكن أتصور أن امرأة أخرى غيرك تتزوج رياض”.

تُشير يولا إلى أن وردة الجزائرية علمتها الكثير، “علمتني أن أقول «الحمد لله» دائماً، وألا أشتكي”، كما علمتها الطهي.

وتصف يولا وردة بأنها كانت “حماة مثالية، لم أشعر يوماً أنها حماة غيورة”.

في المنزل، كانت وردة سيدة بيتوتية عادية، تطبخ وتشاهد الأفلام وتلعب مع حفيدها جمال، بينما في عملها

كانت “صارمة ومنضبطة جداً”.

وعن قدرة وردة على مواجهة الألم، تقول يولا: “كانت لا تعاتب ولا تواجه، تفضل الابتعاد بصمت.

كانت صبوراً على الألم، تضحك حتى في أشد لحظات المرض”. وتضيف: “كانت فنانة في كل شيء: الطبخ، الذوق،

الكلام، واللبس، حتى في الرسم كانت موهوبة، ورياض ورث عنها هذه الهواية”.

من الذكريات العائلية المؤثرة، تروي يولا عن حفيد وردة، جمال: “ابننا جمال كان يحبها جداً، ويقول إن طعم الزبادي من يد

نينة وردة لا مثيل له”.

وتتذكر يولا كيف أن وردة، فور علمها بميلاد جمال، وزعت الشربات وجاءت إلى عمان لتبارك، وأهدتها ساعة ثمينة.

وردة

رياض قصري يفتح صندوق الذكريات: طفولة وردة وأمومتها

ينتقل الحوار إلى رياض قصري، الابن الأكبر لـ وردة الجزائرية، ليشاركنا ذكرياته عن والدته، منذ طفولتها وحتى

مسيرتها الفنية الحافلة.

يتحدث رياض عن طفولة والدته في باريس عام 1939، في ظروف الحرب العالمية الثانية، وكيف تأثرت حياتهم.

كانت وردة “الطفلة المدللة” بين أشقائها، لكنها أصبحت يتيمة الأم في عمر 14 عاماً، لتتولى خالتها نادرة دور الأم البديل.

يكشف رياض عن شغف جده بالفن، وكيف استضاف مطعمه في باريس كبار المطربين، ما أتاح لوالدته الاستماع إليهم

وصقل موهبتها.

“جدي كان مؤمناً بصوتها وموهبتها، ولكن كهواية وتحت رقابته”، يقول رياض.

يكشف رياض عن هروب عائلة وردة إلى بيروت بعد اكتشاف الشرطة أسلحة في مطعم جده، ومن هناك بدأت والدته

تتواصل مع الملحنين المصريين، ثم سافرت إلى القاهرة لتبدأ مشوارها الفني في أواخر الخمسينيات.

وردة

وردة بين الفن والأمومة: “الأم الحنونة” و”الزوجة المحبة”

تزوجت وردة الجزائرية من جمال قصري، والد رياض، لتستريح من مسؤولية الإنفاق على عائلتها في أوائل الستينيات.

رغم استقرارها في الجزائر بعد الزواج، إلا أن حب الفن دفعها للعودة إلى القاهرة بعد نحو عشر سنوات، وهو ما استدعى

الانفصال عن زوجها الذي أصر على بقاء الطفلين رياض ووداد معه في الجزائر.

“كان ابتعادنا عن أمي صعباً لها ولنا، لكنها، لأجل أن تحقق نجاحها في عالم الغناء والشهرة، كان لا بد أن تقيم

في مصر”، يوضح رياض.

ورغم البعد الجغرافي، كانت وردة تزور أبناءها بانتظام، وكانت تلك الفترات “أسعد الأيام” بالنسبة لرياض وشقيقته وداد.

“كانت تحاول أن تعوضنا عن غيابها؛ فقد كانت تغمرنا بحنانها وحبها الكبير لنا”، يتذكر رياض.

في سن 17، قرر رياض البقاء مع والدته في القاهرة لاستكمال دراسته، وهو ما أثار غضب والده، لكن رياض أصر على قراره

ونجح في دراسته.

“كان اعتراض أبي أنني سأندمج في حياة الفن، ولن ألتفت لدروسي وسأفشل في الدراسة، لكني

نجحت وحققت نتائج لم يكن يتوقعها”.

وردة وبليغ حمدي: قصة حب غنتها الألحان

يتطرق رياض إلى علاقة والدته بالموسيقار بليغ حمدي، الذي تزوجته وردة بعد انفصالها عن والده.

رغم أنه في طفولته لم يكن يحب بليغ لأنه “رجل غير أبي”، إلا أنه كبر وأدرك “عبقريته ومكانته كموسيقار

كبير… فهو أسطورة في عالم التلحين لا يختلف عليها أحد”.

يؤكد رياض أن العديد من أغاني وردة وبليغ عبرت عن قصة حبهما، بالإضافة إلى أغنيات جسدت مواقف حياتية

عاشتها والدته، مثل أغنية “أولاد الحلال”.

وعن أغانيه المفضلة لوالدته، يذكر رياض “العيون السوداء”، “آه يا ليل يا زمن”، و”الحنية”، مؤكداً أن “كل أغنية ترتبط

عندي بذكرى وحنين”.

وردة

علاقات وردة الجزائرية مع عمالقة الفن

عاشت وردة طفولتها وشبابها بين عمالقة الفن، وكوّنت شبكة علاقات واسعة قائمة على الحب والاحترام المتبادل.

يتذكر رياض لقاءاته مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في طفولته، وكيف أن والدته كانت تقدره وتحترمه، وكانت

صديقة لزوجته نهلة القدسي.

كما حضرت العديد من بروفات أغاني عبد الوهاب، وتعرفت إلى محمد الموجي، سيد مكاوي، حلمي بكر،

وكثيرين من عباقرة الغناء العربي.

وعن علاقة وردة بـ أم كلثوم، يقول رياض إن والدته عرفتها وهي طفلة من خلال أفلامها، وحاولت لقاءها في مصر دون جدوى.

أما علاقتها بـ عبد الحليم حافظ، فكانت “أكثر من رائعة، كانا صديقين، وكانا يتبادلان الزيارات بانتظام”.

كانت المنافسة بينهما “شريفة، قائمة على الاحترام، وتنحصر في اختيار الأغاني والكلمات ومواعيد الحفلات”.

ويضيف: “أمي كانت تحرص على أن تكون أول من يستمع إلى أغنية جديدة لعبد الحليم، وكانت

تقول أحياناً: «كان نفسي أغني الأغنية دي!»”.

لمسة شخصية: وردة الأم والإنسانة

في حديثه الصادق، يرسم رياض صورة متكاملة لـ وردة الجزائرية، لا تقتصر على النجمة بل تمتد لتشمل الأم والإنسانة.

يتذكر كيف كان يوقظها صباحاً بـ”صباحك جميل يا أمي”، وكيف كانت تحب قضاء وقتها في المنزل مع أبنائها خلال إجازاتها.

وعن ذوقها في الموضة، يقول رياض إن والدته كانت “باريسية الهوى”، لديها ذوق رفيع في ملابسها، خصوصاً فساتين

الحفلات، وذلك يعود إلى نشأتها في باريس.

أما عن مواقفها في الحياة، فقد كانت تبحث عن “الشهامة، الرجولة، الإحساس بالمسؤولية، والحماية” في الرجل،

وكانت دائماً تدفع رياض للاجتهاد في دراسته وحياته.

وردة

تحديات وصمود: وردة في وجه المرض

تتفق يولا ورياض على أن أصعب اللحظات في حياة وردة كانت عندما دخلت في أزمة صحية خطيرة.

“كنت أرافقها في المستشفى، وأرى مدى الألم الذي تتحمله بصبر، لكنها لم تشتكِ أبداً، كانت تبتسم حتى وهي

تتألم”، تقول يولا.

حتى عندما أجرت عملية الكبد، وبكت لأن الأطباء منعوها من الغناء لمدة 5 سنوات، ظلت تصر على الحياة والبهجة.

إرث وردة: فيلم سينمائي يخلد الأسطورة؟

وعن إمكانية إنتاج فيلم عن حياة وردة الجزائرية، يؤكد رياض أنه “لا يمانع إنتاج فيلم عن حياة وردة، لكن بشرط

أن يكون هناك سيناريو قوي، وإنتاج ضخم يليق بمقامها”.

رحلت وردة، لكن عبيرها باقٍ، في الأغاني، في الذكريات، وفي قلب كل من أحبها.

كانت وردة الجزائرية فنانة استثنائية، جمعت بين الصوت الملائكي والقلب الكبير، وتركت بصمة لا تُمحى في تاريخ الغناء

العربي، وفي قلوب من عرفوها عن قرب.

وردة