
شاركت الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل في جلسة نقاشية رفيعة المستوى، نظمتها الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية، بالتعاون مع المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي – النيباد، تحت عنوان “الاستدامة المالية في القطاع الصحي في ظل تغير الأحداث حول العالم”، وذلك على هامش النسخة الرابعة من المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي “صحة أفريقيا – Africa Health ExCon 2025”.
تناولت الجلسة سبل تمكين الدول الأفريقية من تعبئة الموارد الصحية وتحسين استخدامها، وابتكار آليات تمويل تضمن بناء أنظمة صحية مرنة وعادلة. وشهدت النقاشات تأكيدًا على أهمية بناء نماذج تمويل محلية مستدامة بقيادة الحكومات الأفريقية، إلى جانب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وإعادة تصور استراتيجيات التمويل الصحي في ظل التحديات العالمية.
كلمة وزيرة التخطيط: الاستثمار في الإنسان أولوية
في كلمة مسجلة، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن ضعف التنمية البشرية قد يُكلف بعض الدول ما يصل إلى 40% من إنتاجيتها، مشيرة إلى أن الاستثمار في الصحة والتعليم هو المفتاح للنمو والتنافسية. وأوضحت أن بيانات منظمة الصحة العالمية تشير إلى إمكانية انخفاض الأمراض المرتبطة بالصحة بنسبة تفوق 60% بحلول عام 2035، مما يستدعي مواءمة الجهود الإقليمية لتحقيق تحول اقتصادي مستدام.
عرض التجربة المصرية في تمويل الصحة
خلال الجلسة، استعرض الدكتور إيهاب أبو عيش، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية داخل القطاع الصحي، مشيرًا إلى أن التكامل بين أدوات التمويل المستدام والتحول الرقمي يمثل عاملًا حاسمًا لتعزيز كفاءة الإنفاق وضمان التغطية الشاملة. كما أوضح أن نسبة تسجيل المواطنين بمحافظات المرحلة الأولى من المنظومة بلغت 83%، مؤكدًا أن محافظة أسوان ستنضم رسميًا إلى المرحلة الأولى من التطبيق اعتبارًا من الأول من يوليو المقبل.
توصيات وطنية لتعزيز الاستدامة التمويلية
قدّم الدكتور أبو عيش حزمة من التوصيات لضمان الاستقرار المالي لمنظومة التأمين الصحي الشامل، تضمنت أهمية التطبيق المرحلي للمنظومة، وتوظيف علوم الإدارة الصحية مثل تقييم التكنولوجيا الصحية والبروتوكولات العلاجية، والتوسع في التحول الرقمي، واستخدام دراسات اكتوارية واقتصاديات الصحة، مع التأكيد على ضرورة تنويع مصادر التمويل وإشراك القطاع الخاص.
من جانبها، شددت سيرينا أغ، رئيسة أمانة فريق العمل الصحي في أفريقيا التابع لمجموعة العشرين، على أهمية ربط مقدمي الخدمات باحتياجات المجتمعات من خلال فهم مشترك وتدريب موحد وربط علمي بين القضايا الصحية والتمويلية. كما أوضحت أن الاتحاد الأفريقي سيواصل تنظيم المزيد من اللقاءات لتعزيز الشراكات الإقليمية وتوسيع نطاق التغطية.
الصندوق الأفريقي لمكافحة الأوبئة: التمويل التقليدي غير كافٍ
أكدت الدكتورة داليا السمهوري، خبيرة أولى بالصحة العامة، أن الاعتماد على المنح فقط لم يعد كافيًا لتحقيق إصلاح فعلي أو بناء قدرات مستدامة، مشيرة إلى ضرورة دمج المنح مع قروض تنموية مشروطة وإحداث تكامل حقيقي بين قطاعي الصحة والتمويل لضمان استقرار المنظومة.
أوضح الدكتور ريتشارد تشيفاكا، مدير الجلسة، أن نحو 40% من التكاليف الصحية تُنفق على الأجور، ما يثير الحاجة إلى إعادة تقييم توزيع الموارد، وطرح تساؤلًا حول كيفية تعظيم العائد من كل جنيه يُنفق، وأهمية دور القطاع الخاص في دعم شبكة خدمات فعالة وشفافة.
نماذج استثمارية متكاملة وتجربة كليوباترا
استعرض الدكتور أحمد عز الدين، الرئيس التنفيذي لمجموعة مستشفيات كليوباترا، رؤيته حول أهمية وجود خطة استثمار واضحة تشمل الأسس المالية، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل متكامل داخل المنظومة الصحية، مؤكدًا أن من يقود الرؤية الاستثمارية هو من يصنع الفرق الحقيقي في مسار التطوير الصحي.
من جانبه، أكد الدكتور ممدوح العربي، الرئيس التنفيذي لمجموعة العربي، أن المجموعة وقعت اتفاقات تعاون مع برامج عالمية لتقديم خدمات صحية مجانية للمصريين، وذلك في إطار التزامها بتوسيع نطاق الرعاية الصحية المجانية، وتطوير الكوادر الطبية، ورفع جودة الخدمات وفقًا لأعلى المعايير العالمية.