نجوم وفنون

أفلام مصرية..قوة السينما في تغيير القوانين والمجتمع

كتبت: مريم اسامه

لطالما كانت السينما أكثر من مجرد ترفيه؛ إنها مرآة تعكس واقع المجتمع، وأداة قوية

لتحفيز التفكير وصياغة التغيير.

في مصر، نجحت بعض الأعمال السينمائية في إحداث تأثيرات عميقة وملحوظة،

تجاوزت مجرد الشاشات الفضية لتلامس أروقة المحاكم، وتساهم في تعديل قوانين

راسخة بما يتناسب مع الطبيعة الإنسانية ومتطلبات العدالة.

فريد شوقي: “ملك الترسو” وصوت المهمشين

يُعد الفنان الراحل فريد شوقي، المعروف بـ “ملك الترسو”، رائدًا في تبني القضايا الاجتماعية عبر فنه.

كان له دور محوري في تحويل القصص الإنسانية إلى أعمال سينمائية مؤثرة دفعت نحو التغيير.

 السينما

“جعلوني مجرماً”.. قانون جديد لفرصة ثانية

فيلم “جعلوني مجرماً” (1954) كان له بالغ الأثر في حياة الكثيرين. تدور أحداث الفيلم

حول طفل يتيم يقع ضحية استغلال عمه الذي يستولي على ثروته،

ليلتقطه عالم الجريمة قبل أن يُودع إصلاحية الأحداث. بعد خروجه، يجد صعوبة

بالغة في إيجاد عمل شريف، مما يدفعه نحو الانتقام.

استمد فريد شوقي قصة الفيلم الحقيقية من أحد نزلاء الإصلاحية، حيث كان شقيقه الضابط

أحمد شوقي مديرًا لها. بعد النجاح المدوي للفيلم وتفاعُل الجمهور معه، صدر قانون مصري ينص

على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية.

هذا التعديل القانوني منح المخطئين فرصة حقيقية لبدء حياة جديدة، مؤكدًا قوة السينما في

تحقيق العدالة الاجتماعية.

 السينما

“كلمة شرف”.. نافذة على حياة السجناء

لم يتوقف عطاء فريد شوقي عند “جعلوني مجرماً”. فقد قدم أيضًا فيلم “كلمة شرف” (1972)

بالاشتراك مع رشدي أباظة وأحمد مظهر.

هدف هذا العمل كان إعادة النظر في الحالات الإنسانية للسجناء المصريين. سعى الفيلم

إلى اشتقاق قانون جديد يسمح للمسجون بزيارة أهله بضوابط محددة، خاصةً المرضى

أو كبار السن الذين لا يستطيعون الزيارة في السجن، مسلطًا الضوء على الجانب الإنساني لعقوبة السجن.

فاتن حمامة.. انتصار المرأة على قيود القانون

لعبت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة دورًا بارزًا في الدفاع عن حقوق المرأة من خلال

أعمالها السينمائية التي لامست قضايا مجتمعية حساسة.

“أريد حلاً”: شرارة قانون الخلع

يُعد فيلم “أريد حلاً” (1975) هو الشرارة التي أعادت النظر في قانون الأحوال الشخصية في مصر.

جسّد الفيلم قصة امرأة متزوجة من دبلوماسي، تتعذر حياتها الزوجية معه.

عند طلبها الطلاق، يرفض زوجها، فتلجأ إلى المحكمة، وتدخل في متاهات التقاضي،

وتتعرض لسلسلة من المشكلات التي تهدر كرامتها. بعد سنوات من المرافعات

واستخدام الزوج لشهود زور، تخسر قضيتها.

كان هذا الفيلم بمثابة صرخة مدوية في وجه القيود المفروضة على المرأة في مسائل الطلاق،

وبعد عرضه، سُمح للمرأة المصرية بحق الخلع، الذي يسمح لها بالتخلي عن زوجها

بشرط التنازل عن جميع مستحقاتها وحقوقها المادية.

هذا القانون منح المرأة خيارًا طال انتظاره لإنهاء زيجات فاشلة والحفاظ على كرامتها.

أفلام أخرى صاغت قوانين الأسرة المصرية

تأثير السينما لم يقتصر على أعمال فريد شوقي وفاتن حمامة، بل امتد ليشمل أفلامًا أخرى

تركت بصمتها على القوانين المتعلقة بالأسرة.

“الشقة من حق الزوجة”: ضمان سكن آمن للمرأة والأطفال

ناقش فيلم “الشقة من حق الزوجة” (1985)، بطولة محمود عبد العزيز ومعالي زايد، الوضع القانوني

لشقة الزوجية بعد الانفصال.

كان القانون آنذاك ينص على بقاء الزوجة في الشقة حتى انتهاء فترة الحضانة، التي كانت تصل إلى 15 عامًا.

بعد عرض هذا العمل، طالب اتحاد نساء مصر اللجنة القانونية المعنية بإعداد تعديلات قانون

الأحوال الشخصية بإجراء تعديلات لتحقيق المزيد من العدالة بين أفراد الأسرة.

نجح الفيلم في لفت الانتباه إلى هذه القضية، وأصبح من الممكن إضافة بند في عقد الزواج

يحدد من له حق الانتفاع بمنزل الزوجية في حالة الطلاق، مما يوفر حماية أكبر للمرأة والأطفال.

“آسفة أرفض الطلاق”: نحو المساواة في قرار الانفصال

قدم فيلم “آسفة أرفض الطلاق” (1988) من بطولة ميرفت أمين وحسين فهمي، قصة منى،

الزوجة التي تكرس حياتها لزوجها، لتتفاجأ بطلبه الانفصال بعد عشر سنوات من الزواج.

تقرر منى رفع دعوى قضائية ترفض فيها الطلاق.

عقب عرض الفيلم، طالبت المنظمات النسائية المصرية بإلغاء “حق الطاعة”، وجعل الطلاق

ينفذ بحكم من القاضي في حال كان الزوج راغبًا فيه، وذلك لتحقيق المساواة بين الزوج

والزوجة أمام القانون في مسائل الانفصال.

“باب الحديد”: تأسيس نقابة للعمال

حتى في القضايا العمالية، كان للسينما المصرية دور فعال. ففيلم “باب الحديد” (1958)، بطولة فريد

شوقي وهند رستم، قدم فكرة مبتكرة خارج الصندوق في أواخر الخمسينيات.

وجه الفيلم الأنظار إلى أهمية إقامة نقابة عامة للشيالين.

وبالفعل، تأسست نقابة الشيالين عقب عرض الفيلم بسنوات قليلة، مما يؤكد قدرة الفن على إلهام وتوجيه الحركات الاجتماعية.

 السينما

 السينما