نيابة عن الإمام الأكبر.. أمين “البحوث الإسلامية”: النظر إلى الاختلاف والتنوع نظرةً حضاريَّةً
كتب: إبراهيم ابو راس
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د.نظير محمد عياد في فعاليات مؤتمر الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي والذي تعقده الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت رعاية فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
وقال الأمين العام خلال كلمته التي ألقاها نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب – شيخ الأزهر في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر، إن الإنسانية كلِّها بحاجة إلى هذا المؤتمر الذي يضم العديد من المحاور والقضايا التي تجمع بين القديم والحديث، وتحتاج إلى جهود حثيثة لتنزيل الأحكام الشرعية على واقِعِنا بكل مُعْطَياتِه المعاصرة تنزيلًا يليق بقُدْسِيَّة هذه الأحكام، مِن غير إفراط يدفع إلى التشدُّد البغيض الذي يقود إلى التطرف والإرهاب، أو تفريط يؤدي إلى الاستهانة بأحكام هذا الدِّين.
أضاف عياد أن رسالة هذا المؤتمر والتي تدعو إلى “استثمارِ الاختلافِ الفقهيِّ في كافَّة عصوره في دعم التماسُك الاجتماعي المعاصر والمشاركة في عملية العُمران، والإسهام في الحضارة الإنسانية المعاصرة”، ورؤيته التي تتمثل في “الخروج بمبادرات إفتائية تدعم التعايش والاستقرار والحوار الإنساني، يسيران وَفْق منهج الأزهر الشريف، الذي صنع التسامح الفقهي والعقدي من خلال تلك التعددية التي قام عليها وارتكزتْ عليها مناهج الدراسة فيه؛ فقهًا، وفكرًا، ولغةً، حتى أصبح الأزهر الشريف منارة الوسطية والتسامح والتعددية، فإذا ما أُطلِق وصف من هذه الأوصاف كان عَلَمًا بالغَلَبَة عليه.
أوضح الأمين العام أننا لم نر التعصب المَقِيت، والخلاف المذموم إلا بعد ظهور جماعات التشدُّد والعُنف التي أَوْقَدَت نار الفِتَن والاحْتَراب بين المسلمين بعضهم بعضا بفُهُومها الغريبة وآرائِهَا الشاذة العجيبة، حتى بات العالم يعيش حالة مِنَ الصراع اللامُبَرر انعكست آثاره المدمرة على الأفراد والمجتمعات، بل وامتدت آثاره لتطال الحضارة الإنسانية في كل مكان.
أشار عياد إلى أن هناك طائفة أخرى ظهرت وأَجْهَدَت نَفْسَها في البَّحث عن كل رأي ساقط أو فكرة شاذَّة مُلقاة في قَوارِع الطُّرُق فقدَّمَتْها للناس على أنها مِن الدِّين، والدين منها براء.
كما أكد الأمين العام خلال كلمته على عدة أمور منها: أن التسامح الفقهي لنْ يتحقَّق إلا إذا وُجِد سلام نفسي وتسامح داخلي يعزز هذا التسامح الفقهي، وأن الاختلاف والتعدد سنة من سنن الله في خلقِه ويجب علينا أن ننظُر إلى الاختلاف والتنوُّع نظرة حضاريَّة ترتكز على التسامح والاستثمار والإفادة، ليتحقق بذلك مقصد العُمران، وضرورة نبذِ التعصُّب المَقِيت والتقليد الأعمى المذموم حال التعامُل مع القضايا والمسائل الفقهية القديمة منها والمستحدَثَة.
كما أكد الأمين العام على حتمية الاستمرار في تجديد الفقه الإسلامي، وضرورة النظر في قضاياه في ضوء المعطَيات المتسارعة لعالَمِنا المعاصر ، والوصول إلى رؤية جديدة تتوافق ومقاصد الشرع الحنيف والواقع المعاصر، وضرورة مراعاة الدرس المقاصدي في الاجتهاد وصناعة الفتوى ؛ لصياغة منظومة فقهية جديدة، تُراعَى فيها المصالح وتُحَقِّق المنافع الدُّنيويّة والأُخروية.
وختم الأمين العام كلمته بالتأكيد على ضرورة تعاون المؤسَّسات المعنيَّة بالشأن الديني والإفتائي على مستوى العالم، وتضافرِ جهودِها في ترسيخ ثقافة التسامح الفقهي والإفتائي؛ حيث إن هذا التعاوُن يفتح آفاقًا جديدة للتسامُح الفقهي والإفتائي، ويحقِّق أهداف المؤتمر ورسالته، واستعداد الأزهر الشريفِ بكل قطاعاته، للتعاون مع دُور الإفتاء والفتوى على مستوى العالم لنشر هذه الثقافة وترسيخها وتعزيز وجودها في المجتمعات المسلمة، وذلك إيمانا منا بوحدة الغاية والقصْد.