الأرشيف

نظرة تحليلية فى العقلية الأخوانية

:


بقلم: ايمن صلاح

تعمدت فى الفترة الأخيرة التواصل مع العديد من الشخصيات الأخوانية التى لا تنتمى الى القيادات ولكنها فى نفس الوقت ليست من طبقة المهمشين منهم أو البسطاء، أى أن من تواصلت معهم هم من الطبقة الوسطى التى لديها قسط وافر من التعليم وبعض الثقافة وان كانت محدودة، وكان هدفى من ذلك هو الغوص ولو قليلا فى نمط تواصلهم ومنهجية تفكيرهم بما يتيح لى القدرة على الحكم على ما يعتنقون من أفكار وكيفية تحاورهم من خلال موروثهم الدينى والاجتماعى الذى يتصف بالانغلاق التام على أنفسهم.

أود فقط بداية أن أقر بشىء مهم جدا وهو أنه ليس هدفى على الاطلاق أن أعيب أو أذم فيمن تواصلت معهم ولكننى فقط أصف وأوصف ما وصلت اليه من نتائج من وجهة نظرى علما بأن ذلك ما هو الا اجتهاد منى فى التحليل يقبل الصواب والخطأ، بل على العكس فقد يكون كل من أجتهدت فى تحليل أفكارهم وعقولهم من الاخوان أفضل منى بكثير عند الله، وانى لأدعو الله سبحانه وتعالى أن يهدينا واياهم سواء السبيل. شىء آخر وجب على توضيحه وهو أن من تواصلت معهم ليسوا من تلك الشريحة التى يمكنها حمل السلاح او القاء مولوتوف أو القيام بعمليات تفجير كتلك التى يقومون بها ليل نهار، الا أنهم فى النهاية ليسوا ممن يدينون تلك العمليات ولكنهم يختلقون الأعذار والحجج لتبرير تلك الأفعال الاجرامية الارهابية.

نأتى الى صلب الموضوع، وأعتذر بداية على الاطالة التى لم تسعفنى بلاغتى على اختصارها

العقلية الاخوانية اجمالا كما رأيت وتواصلت هى عقلية مصمتة استقبالا وجوفاء ارسالا، أى أنه عندما تتوجه اليهم بالمعلومات أو البراهين أو الحجج فهم لا يستمعون الى ذلك بآذانهم أو يعقلونه بعقولهم أو حتى يدركونه بوجدانهم أو أحاسيسهم حال صدقه، ولكنهم يستمعون اليه ويستقبلونه بما يحملونه من أدبيات فكرية بالية فرضت عليهم قديما بما لا يسمح لهم بالفهم أو التحليل أو محاولة البحث والاستقصاء، بل أننا يمكننا تعدى هذه المرحلة من استقبالهم لأى حديث على فرض أنها مرحلة متقدمة الى مرحلة أقل وطأة بتوجيه أى سؤال حيوى لأى منهم على سبيل المثال، فسوف تفاجأ بأن الاجابة لا تمت بصلة الى السؤال حيث ستكون الاجابة دائما وأبدا على سؤال لم تسأله أنت أصلا وهكذا الحال معهم حتى تصل الى النتيجة الحتمية الا وهى العقلية المصمتة استقبالا. أما على الجانب الآخر وهو عندما يتحدث أحدهم، فتشعر ابتداءا عندما يفتح فاه بالحديث بكثير من التمويه والمراوغة وعدم التركيز والهروب الذى ليس له حدود بما لا يمكنك من فهم رسالته أو الهدف الذى يريد طرحه مع تأكيدى على سطحية الحجة وقلة الحيلة وهو ما يصل بنا الى الحكم على تلك العقلية بأنها جوفاء ارسالا.

هم ليس لديهم القدرة على التواصل الى النهاية الى حد الاقناع أو الاقتناع

العقلية الاخوانية تظن أن لديها الدين الكامل وأنهم لا ينطقون عن الهوى وأن من سواهم هم من الأراذل الذين لا يفقهون من الدين الا القشور، وهذه فى الحقيقة من السمات الواضحة للفاشية الدينية والتطرف المقيت الذى عانينا منه كشعب طيلة فترة حكمهم التى استمرت عاما كاملا تجلت فيه شتى صنوف الاستقطاب السياسى والتهميش والاستبعاد والتكبر والاستعلاء، وكان كل ذلك نابعا ابتداءا من فاشية دينية تسكن عقولهم أدت بنا الى ما نحن فيه الآن من فرقة وخلاف سياسى ربما داخل البيت الواحد. هم لا يأخذون علمهم الدينى من كبار العلماء الأجلاء الذى يجود بهم أزهرنا الشريف منارة العلم والعلماء فى العالم بل انهم لا يعترفون بهم ويأخذون علمهم من مشايخ أربأ بنفسى أن أطلق عليهم لقب (شيوخ) لا نعلم أين درسوا أو تعلموا الدين الا أن المؤكد أن أغلبهم من التكفيريين التحريضيين، يأتون اليك بالآيات فى غير مواضعها للتدليل والبرهان واذا ما أتيت بآية فى موضعها يتحولقون.

هم يتسمون بعدم الوسطية الدينية التى نادى بها اسلامنا الحنيف، بل لديهم عنف وتطرف الجاهلية الأولى

العقلية الاخوانية لا تؤمن على الاطلاق بالحرية أو الديمقراطية أو حب الوطن أو الحكم المدنى القائم على أن “الدين لله والوطن للجميع”، حتى وان سمعناهم ينادون كذبا وتضليلا بالحرية والديمقراطية وحب الوطن حيث أنهم دائما وأبدا يظهرون ما لا يبطنون عملا بمبادئهم التى جبلوا عليها، اضافة الى أن فاقد الشىء لا يعطيه فكيف لنا أن نصدق أن جماعة عاشت عمرها كله فى الظلام ونشأت كوادرها على السمع والطاعة فقط دون حوار أو جدال أن تعتنق مبادىء الحرية والديمقراطية، العقلية الأخوانية ولا شك تنقصها الوطنية الأصيلة التى يتسم بها المصرى الأصيل فهم بالفعل لا ينظرون الى مصر كوطن ولكنهم يرونها جزءا من مشروع اقليمى كبير تختفى فيه الوطنية وتعلو فيه الطائفية، حتى فى تظاهراتهم واعتصاماتهم التى كانت (لا سلمية دائما وأبدا) اختفت فيها أعلام مصر وعلت أعلام القاعدة والرايات الصفراء.

هم بطبيعتهم ونشأتهم ديكتاتوريون شديدو العنف والغلو الفكرى

لن تجد عقلية اخوانية تتميز بالابداع أو التفكير خارج الصندوق وهذا طبيعى اذا ما عدنا الى طبيعة الأجواء التى يعيشونها على مبدأ السمع والطاعة، فالابداع يحتاج الى بيئة مفعمة بالحرية والانفتاح بينما عالمهم شديد الديكتاتورية والانغلاق، وعليه فأنت لم ولن تسمع أبدا عن مبدع أو مبتكر أو مخترع يأتى من خلفية أخوانية حتى كوادرهم العليا التى حصلت على درجات علمية متقدمة كالدكتوراه مثلا ليسوا من أولئك الذين يمكننا اطلاق كلمة “علماء” عليهم ولنا فى المعزول أسوة سيئة جدا فهو رجل حاصل على أعلى الدرجات العلمية الا أن مستواه البحثى والثقافى لم يؤهله ليكون من العلماء.

هم متحجرو الفكر والمشاعر ولا تسمح بيئتهم التى ترعرعوا فيها بأى نوع من أنواع الابداع

نهاية …. عقلية الأخوان لا تنظر ولا ترى المستقبل أى انهم ليسوا من المخططين بل دائما وأبدا أعينهم على الماضى …. فان قلت لهم تعالوا لنبنى الوطن فيكون الرد “جريمة رابعة” حتى وان كان ادعاءا كاذبا مملوءا بالافتراءات والأكاذيب والتضليل …. وان قلت لهم نقيم حياة سياسية ديمقراطية فيكون الرد “يسقط يسقط حكم العسكر” …. وان قلت لهم دعونا ننظر الى مستقبل أفضل فى ظل رئيس منتخب فيكون ردهم “مرسى والا فلا” …. هم يعيشون عالما افتراضيا بعيدا كل البعد عن الواقع، تجلت جوانبه فى اعتصامهم الربعاوى الذى هبط فيه سيدنا جبريل من السماء، وصلى فيه رسولنا عليه أفضل صلاة وسلام مأموما بابن العياط، وكفر بالله فيه من لم يؤمن بعودة مرسيهم الى الحكم …. الى ما ذلك من الأوهام التى عاشوها ومازالوا يحيونها وسوف يحيوها مادامت عقولهم فى رؤوسهم.